فصل:
وإن استولى الكفار على حر من المسلمين، أو أهل الذمة، لم يملكوه. وإن اشتراه رجل منهم فعلى الأسير أداء ما اشتراه به، لما ذكرنا من خبر عمر. وإن استولوا على عبد، فحكمه حكم الأموال، قنا كان أو مدبرا، أو مكاتبا أو مدبرا؛ لأنه يضمن بالقيمة. وهل يكون سيده أحق به بالثمن بعد القسمة؟ على الروايتين. وإن استولوا على أم ولد، فأدركها صاحبها بعد القسمة، أو في يد مشتريها من الكفار، فهو أحق بها بالقيمة بكل حال؛ لأنه قد حصل فيها سبب للحرية لازم، فأثر ذلك في منع إقرار اليد عليها. فإن لم يحب سيد المكاتب أخذه. فهو في يد مشتريه، أو من أعطيه من الغانمين فبقي على ما بقي عليه من كتابته، يعتق بالأداء. وولاؤه لمن يؤدي إليه.
فصل:
وإن غنم المسلمون من الكفار شيئا عليه علامة المسلمين، ولم يعرف صاحبه، فهو غنيمة، تجوز قسمته؛ لأنه قد وجد سبب الملك وهو الاستيلاء، ولم يتحقق ما يمنعه. فإن كان فيها شيء موسوم عليه، حبيس، رد إلى أهله؛ لأنه قد عرف مصرفه، وإن كان فيها عبد فقال: أنا لفلان، قبل منه ورد إلى صاحبه، وإن أصابوا مركبا، كان للمسلمين، وفيه النواتية، فقالوا: هذا لفلان، وهذا لفلان، لم يقسم. نص أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على هذا كله.
فصل:
وإذا دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب بغير إذن الإمام، فغنموا، ففي غنيمتهم ثلاث روايات:
إحداهن: فيها الخمس وسائرها لهم؛ لعموم قوله سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] .
والثانية: هي لهم من غير خمس؛ لأنه اكتساب مباح من غير جهاد، فأشبه الاحتطاب.
والثالثة: هي فيء لا شيء لهم فيها؛ لأنهم عصاة بفعلهم، فلم يملكوه، كالسرقة من المسلمين. وإن كانت الطائفة ذات منعة فكذلك، لما ذكرنا من التعليل، وقيل: لا يكون لهم بغير خمس، رواية واحدة لأنها غنيمة، فلا يستحقونها بغير خمس للآية، وكسائر الغنائم.