والثانية: هو أحق به بالثمن الذي حسب به على آخذه، لما روى ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أن رجلا وجد بعيرا له، كان المشركون أصابوه، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن أصبته قبل القسمة، فهو لك، وإن أصبته بعدما قسم، أخذته بالقيمة» ؛ ولأن امتناع أخذه خشية ضياع حق آخذه من الغنيمة أو تضييع الثمن على المشتري، وهذا ينجبر بأداء الثمن، فوجب أن يأخذه بالثمن، كالشقص المشفوع. وإن أخذ أحد الرعية مال المسلم من الكفار بغير عوض، كالهبة، والسرقة، فصاحبه أحق به، لما روي: «أن قوما أغاروا على سرح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخذوا ناقته، وجارية من الأنصار، فأقامت عندهم أياما، ثم خرجت في بعض الليل، قالت: فما وضعت يدي على ناقة، إلا رغت، حتى وضعتها على ناقة ذلول، فامتطيتها، ثم توجهت إلى المدينة ونذرت إن نجاني الله عليها أن أنحرها، فلما قدمت المدينة استعرفت الناقة، فإذا هي ناقة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخذها، فقلت: يا رسول الله، إني نذرت أن أنحرها، فقال: بئس ما جازيتها، لا نذر في معصية» وفي لفظ: «لا نذر فيما لا يملك ابن آدم» ؛ ولأنه حصل في يده بغير عوض ولا قسمة، أشبه ما لو أدركه في الغنيمة، قبل القسمة. وإن أخذه من الكفار بثمن فحكمه حكم المقسوم. هل يكون صاحبه أحق به بالثمن، أو لا يستحقه؟ يحتمل وجهين؛ لما روى الشعبي قال: أغار أهل ماه وأهل جلولاء على العرب، فأصابوا سبايا العرب، فكتب السائب بن الأقرع، إلى عمر في سبايا المسلمين ورقيقهم قد اشتراه التجار من أهل ماه، فكتب عمر فيمن أصاب رقيقه، ومتاعه في أيدي التجار بعدما اقتسم، فلا سبيل إليه، وأيما حر اشتراه التجار، فإنه ترد إليهم رءوس أموالهم. فإن الحر لا يباع، ولا يشترى. رواه سعيد.

فصل:

وإن استولى حربي على مال مسلم، ثم أسلم، أو دخل إلينا بأمان، فهو له. نص عليه أحمد. وإن كان قد أتلفه أو باعه فلا شيء عليه، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أسلم على شيء فهو له» ، وإن كان أخذه من المستولي عليه بسرقة، أو هبة، أو شراء، فكذلك في إحدى الروايتين؛ لأنه قد حصل منه الاستيلاء، والأخرى صاحبه أحق به بالقيمة؛ لأنه كالمقسوم. فإن استولى على جارية، فاستولدها، فهي أم ولد له. فإن غنمها المسلمون فأدركها صاحبها، أخذها، وكان أولادها غنيمة؛ لأنهم أولاد كافر حدثوا بعد ملك الكافر لها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015