فصل:

ومن أجر نفسه على حفظ الغنيمة أو سوق دوابها، أو رعيها أو حملها، فله أجرته؛ لأنه فعل بالمسلمين إليه حاجة لم يتعين عليه فعله، فأبيح له إجارة نفسه فيه، كالدلالة على الطريق. وليس له ركوب دابة من المغنم، ولا حبيس؛ لأنه يستعمل دابة المسلمين فيما يختص نفعه به، فلم يجز، كما لو أجر نفسه لأجنبي. فإن فعل فعليه أجرة مثل الدابة، يرد في المغنم إن كانت من الغنيمة، أو تصرف في نفقة دابة الحبيس، إن كانت حبيسا. وإن شرط له في الإجارة ركوب دابة من المغنم، جاز؛ لأن ركوبها من الأجرة، فجازت من المغنم، كما لو أجر نفسه بدابة من المغنم.

فصل:

وما أهداه أهل الحرب لأمير الجيش، أو غيره من أهل الجيش في دار الحرب، فهو غنيمة؛ لأنه يغلب على الظن أنه بذله خوفا من المسلمين. وإن كانت الهدية من دار الحرب إلى دار الإسلام، فهي لمن أهدي إليه؛ لأنه تبرع له بذلك من غير خوف، فأشبه هدية المسلمين.

فصل:

وإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد، وإن حصلت غنائم، قسمها أهلها بينهم على موجب الشرع؛ لأنها مال لهم مشترك، فجاز لهم قسمته كسائر الأموال. فإن كان فيها إماء، أخروا قسمتهن حتى يظهر إمام؛ لأن في قسمتهن إباحة الفروج، فاحتيط في بابها.

[باب قسمة الخمس]

يقسم الخمس على خمسة أسهم: سهم لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل، لقول الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] . فسهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصرف في مصالح المسلمين، لما روى جبير بن مطعم «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تناول بيده وبرة من بعير ثم قال: والذي نفسي بيده ما لي مما أفاء الله إلا الخمس، والخمس مردود عليكم» فجعله لجميع المسلمين. ولا يمكن صرفه إلى جميعهم إلا بصرفه في مصالحهم، من سد الثغور، وكفاية أهلها، وشراء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015