إحداهما: هو من ضمان المشتري. اختارها الخلال وصاحبه؛ لأنه مال مقبوض أبيح لمشتريه التصرف فيه، فكان من ضمانه، كما لو اشتراه في دار الإسلام.
والثانية: ينفسخ البيع، ويسقط الثمن عن المشتري، أو يرد إليه إن كان أخذ منه. اختارها الخرقي؛ لأنه لم يكمل قبضه، لكونه في دار الحرب، في خطر قهر العدو، فلم يضمنه المشتري كالثمر في الشجر. هذا إذا أخذ بغير تفريط من المشتري، فإن أخذ منه لخروجه من العسكر، فهو من ضمانه؛ لأنه ذهب بتفريطه، أشبه ما لو أتلفه.
فصل:
قال أحمد [- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -] : ولا يجوز لأمير الجيش، أن يشتري من مغنم المسلمين شيئا؛ لأنه يحابي؛ ولأن عمر [- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -] رد ما اشتراه ابنه، في غزوة جلولاء، فأما إن وكل من يشتري له، ممن لا يعرف أنه وكيله، صح الشراء، لعدم المحاباة. ورخص أبو عبد الله، فيما إذا قوم أصحاب المقاسم، فقالوا: جلود الماعز بكذا، والخرفان بكذا، فاحتاج أحد الغانمين إلى أخذ شيء منه بتلك القيمة أن يأخذه، ولا يأتي المقاسم، لأجل المشقة في استئذانهم في جميع ذلك.
فصل:
وما أخذه أهل الحرب من أموال المسلمين، أو أهل الذمة، ثم ظهر عليه المسلمون، فأدركه صاحبه قبل قسمه، وجب رده إليه، لما روى ابن عمر أنه ذهب فرس له، فأخذه العدو، فظهر عليه المسلمون فرد عليه في زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وعنه: «أن غلاما له أبق إلى أرض العدو، فظهر عليه المسلمون، فرده النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ابن عمر، ولم يقسم» . رواهما أبو داود.
فإن لم يرده إليه الإمام، وقسمه مع العلم، لم تصح قسمته؛ لأنه قسم مال مسلم، يجب رده إليه فأشبه المغصوب، ولصاحبه أخذه بغير شيء. فأما إن أدركه صاحبه بعد القسم ففيه روايتان:
إحداهما: لا حق له فيه، لما روي أن أبا عبيدة كتب إلى عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيما أحرز المشركون من المسلمين، ثم ظهر المسلمون عليهم بعد، قال: من وجد عين ماله بعينه، فهو أحق به ما لم يقسم. وقال سلمان بن ربيعة: إذا قسم، فلا حق له فيه. رواهما سعيد. وروى أصحابنا عن ابن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أدرك ماله قبل أن يقسم، فهو له. وإن أدركه بعد أن قسم فليس له فيه شيء» .