إلا السلاح والمصحف، وما فيه روح، لما روى صالح بن محمد بن زائدة قال: دخلت مع مسلمة أرض الروم، فأتي برجل قد غل فسأل سالما عنه، فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قال: «إذا وجدتم الرجل قد غل، فأحرقوا متاعه واضربوه» قال: فوجدنا في متاعه مصحفا، فسألنا سالما عنه، فقال: بعه وتصدق بثمنه.

ولا يحرق المصحف والحيوان لحرمته، ولا ثيابه؛ لأنه يبقى عريانا، ولا ما غله لأنه للمسلمين. وإن مات قبل إحراق متاعه، لم يحرق؛ لأنه عقوبة فسقط بموته، كالحد؛ ولأن ماله ينتقل إلى وارثه فيصير إحراقه عقوبة لغير الجاني، ولا يحرم الغال سهمه؛ لأن سبب استحقاقه متحقق.

فصل:

وإذا كان في السبي، من يعتق على بعض الغانمين بالملك، أو عتق عبدا من الغنيمة عتق عليه كله، وعليه قيمته، يرد في المقسم إن كان موسرا؛ لأنه ملك جزءا منه بفعله، فعتق عليه جميعه، كما لو اشترى جزءا منه. وإن كان معسرا، لم يعتق عليه، إلا ما ملك منه كذلك. ومن وطئ جارية من المغنم، ممن له فيها حق أو لولده، فلا حد عليه للشبهة ويعزر، وعليه مهرها؛ لأنه وطء سقط فيه الحد عن الواطئ للشبهة، فوجب به المهر، كالوطء في نكاح فاسد، وإن أحبلها، ثبت نسب الولد، وينعقد حرا للشبهة، وتصير أم ولد له، وعليه قيمتها ترد في المغنم. وهل يلزمه قيمة الولد؟ فيه روايتان:

إحداهما: تلزمه لأنه فوت رقه.

والثانية: لا يجب؛ لأنه ينعقد حرا، فلم يدخل في ملك الغانمين.

فصل:

ويجوز للأمير البيع من الغنيمة قبل القسمة للغانمين، ولغيرهم إذا رأى المصلحة فيه؛ لأن الولاية ثابتة له عليها، وقد تدعو الحاجة إلى ذلك لإزالة كلفة نقلها، أو لتعذر قسمتها بعينها، ويجوز لكل واحد من الغانمين، بيع ما يحصل له بعد القسم، والتصرف فيه كيف شاء؛ لأن ملكه ثابت فيه. فإن باع الأمير، أو بعض الغانمين في دار الحرب شيئا، فغلب عليه العدو قبل إخراجه إلى دار الإسلام، ففيه روايتان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015