رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأنزل الله فيهم: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] الآيات ولا يجوز إلا بإذن الأمير؛ لأن أمر القتال موكول إليه، وهو أعلم برجاله، فلا يؤمن مع مخالفته، أن يتم ما ينكسر به الجيش. ومتى خرج كافر يطلب البراز، جاز رميه وقتله؛ لأنه مشرك لا أمان له، إلا أن تجري العادة بينهم بترك التعرض لمن يطلب البراز، فلا يجوز التعرض له؛ لأن ذلك يجري مجرى الشرط، ويستحب لمن يعلم من نفسه الشدة والشجاعة مبارزته؛ لأن في ترك مبارزته كسرا على المسلمين. ويكره للضعيف الخروج إليه لأن القصد إظهار القوة. والظاهر من مبارزة الضعيف خلاف ذلك. فإن طلب الشجاع المبارزة ابتداء، أبيح له؛ لأن فيه إظهار القوة، ولا يستحب؛ لأنه لا حاجة إليه، ولا يأمن الغلبة، فيكسر قلوب المسلمين. ومتى تبارزا بشرط أن لا يعين واحدا أصحابه، لم يجز رمي الكافر، وفاء بشرطه. فإن ولى مثخنا، أو محتازا، أو ولى عنه المسلم، جاز رميه؛ لأنه شرط الأمان حال القتال، وقد انقضى القتال فزال الأمان. وإن استنجد الكافر أصحابه، أو بدءوا بإعانته، فلم يمنعهم، انتقض أمانه لنقضه إياه. وإن منعهم فلم يقبلوا منه، فهو على أمانه؛ لأنه لم ينقضه. وإن شرط أن لا يرميه أحد حتى يرجع إلى صفه، وفي له بشرطه. فإن ولى عنه المسلم فتبعه ليقتله، جاز رميه؛ لأنه نقض الشرط، فسقط أمانه.
فصل:
ومن أسر أسيرا، لم يكن له قتله حتى يأتي به الإمام، فيرى فيه رأيه؛ لأنه إذا صار أسيرا فالخيرة فيه إلى الإمام. وعنه: ما يدل على إباحة قتله؛ لأنه في وقت الحرب، فأشبه قتله حال القتال. وإن امتنع الأسير أن ينقاد معه. فله إكراهه بالضرب وغيره، فإن لم يمكنه إكراهه، أو خافه على نفسه، أو خاف انقلابه، فله قتله؛ لأنه كافر لا أمان له، يخاف شره، فأبيح قتله، كما قبل الأسر. وإن كان امتناعه لمرض، أبيح قتله، كما يجوز أن يذفف على جريحهم. وقد توقف أحمد عن قتله، والأولى إباحته. ومتى قتل أسيره، أو أسير غيره قبل بلوغه إلى الإمام، أو بعده قبل الحكم باسترقاقه، لم يضمنه؛ لأنه ليس بمال، ولذلك أبيح للأمير إتلافه. وإن قتل امرأة أو صبيا قبل الاستيلاء عليهم، لم يضمنهم؛ لأنهم لم يصيروا مالا للمسلمين وإن قتلهم بعد الاستيلاء عليهم ضمنهم لأنهم يصيرون رقيقا بنفس السبي.