أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصى أميري، فقد عصاني» رواه النسائي. ولا يجوز الخروج إلى الغزو إلا بإذنه؛ لأنه أعلم بمصالح الحرب، والطرقات، ومكامن العدو، وكثرتهم وقلتهم، فيجب الرجوع إلى رأيه، إلا أن يعرض ما يمنع، من استئذانه من مفاجأة عدو يخاف الضرر بتأخير حربه، أو فرصة يخاف فوتها بانتظار رأيه، فيجوز من غير إذنه. قال أحمد: وإذا نادى الإمام: الصلاة جامعة، لأمر يحدث يشاور فيه، لم يتخلف أحد إلا من عذر. وإن غضب على رجل، فقال: اخرج، عليك ألا تصحبني، فلا يصحبه حتى يأذن له.
فصل:
ويُغْزَى مع كل بر وفاجر، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا.» رواه أبو داود؛ ولأن تركه مع الفاجر يُفضي إلى تعطيل الجهاد وظهور العدو.
وقال أحمد: لا يعجبني أن يخرج مع القائد إذا عرف بالهزيمة، وتضييع المسلمين، فإن كان القائد يعرف بشرب الخمر، والغلول، يغزى معه إذا كان له شفقة وحيطة على المسلمين. إنما فجوره على نفسه، ويروى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» متفق عليه
فصل:
وإذا غزا الأمير بالناس، لم يجز لأحد أن يخرج من المعسكر لتعلّف، ولا احتطاب، ولا غارة، ولا غير ذلك إلا بإذنه، لقول الله تعالى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62] ؛ ولأن الأمير أعرف بحال الناس، ومكامن العدو، وقربه وبعده، ومواضع الأمن، فلا يأذن لهم، إلا مع أمنه عليهم، وإن خرجوا من غير أمره، لم يأمنوا كمينا للعدو. أو مهلكة يهلكون بها، وربما رحل الجيش فيضيع الخارج.
فصل:
وتجوز المبارزة في الحرب، وهو: أن يخرج الرجل من المسلمين، إلى الرجل من الكافرين بين الصفين، ليقاتل كل واحد منهما صاحبه؛ لأن حمزة وعليا وعبيدة بن الحارث - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، بارزوا يوم بدر عتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة، بأمر