فصل:
ومنع أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فداء النساء بالمال؛ لأن في بقائهن في الرق تعريضا لهن للإسلام، لمعاشرتهن للمسلمين، وجوز أن يفادى بهن أسارى المسلمين؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فادى بالمرأة التي أخذها من سلمة بن الأكوع رجلين من المسلمين؛ ولأن في ذلك استنقاذ مسلم متحقق إسلامه. وإن أسلمت لم يجز ردها إلى الكفار، بفداء ولا غيره، لقول الله تعالى: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] ، ولا يجوز المفاداة بالصبيان بحال؛ لأنهم يصيرون مسلمين بإسلام سابيهم.
فصل:
ولا يجوز بيع رقيق المسلمين لكافر. نص عليه أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لما روي عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أنه كتب إلى أمراء الأمصار: ينهاهم عنه؛ ولأن في بقائهم رقيقا للمسلمين، تعريضا لهم للإسلام، وفي بيعهم لكافر، تفويت ذلك، فلم يجز.
فصل:
وإن أسر من يقر بالجزية فبذلها، لم يلزم قبولها؛ لأنه قد ثبت حق التخيير فيه بين الأمور الأربعة، فلم يسقط ببذله، ويجوز للإمام إجابته إليها إذا رأى ذلك؛ لأنه بمنزلة المن عليه.
فصل:
ويكره نقل رءوس الكفار من بلد إلى بلد، ورميها في المنجنيق؛ لأن فيه مُثْلَة، وقد روى عقبة بن عامر: أنه قدم على أبي بكر برأس بَنَّاق البطريق، فأنكر ذلك، فقيل: يا خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إنهم يفعلون بنا هذا، قال: فَاسْتِنَانٌ بفارس والروم؟ لا يحمل رأس، وإنما يكفي الكتاب والخبر. رواه سعيد.
فصل:
إذا حصر الإمام حصنا، فرأى المصلحة في مصابرته، لزمه ذلك؛ لأن عليه فعل ما فيه الحظ للمسلمين. وإن كانت المصلحة في الانصراف، انصرف لذلك. وقد روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاصر أهل الطائف فلم ينل منهم شيئا، فقال: إنا قافلون إن شاء الله غدا فقال المسلمون: أنرجع ولم نفتتحه؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اغدوا على القتال فغدوا عليه، فأصابهم جراح، فقال لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنا قافلون غدا فأعجبهم، فضحك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . متفق عليه.