إحداهما: لا يجوز إرقاقه. اختارها الخرقي؛ لأنه لا يقر بالجزية، فلم يجز إرقاقه، كالمرتد.

والثانية: يجوز؛ لأنه كافر أصلي، فأشبه الكتابي. وإن أسلم الأسير، حرم قتله؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث» ويتخير فيه بين المن عليه؛ لأنه إذا جاز المن عليه حال كفره، ففي حال إسلامه أولى، بين إرقاقه وفدائه.

وقال أصحابنا: يصير رقيقاً بنفس الإسلام، ويسقط التخيير؛ لأنه ممن يحرم قتله، فأشبه المرأة.

وأما النساء والصبيان، فإنهم يصيرون رقيقاً بنفس السبي؛ لأنهم مال لا ضرر في اقتنائه، فأشبهوا البهائم.

وأما الرجال الذين يحرم قتلهم، كالشيخ الفاني ونحوه، فلا يجوز سبيهم؛ لأنه لا نفع من استرقاقهم، ولا يحل قتلهم. إذا ثبت هذا. فإن التخيير الثابت في الأسرى تخيير مصلحة واجتهاد، لا تخيير شهوة،

فمتى رأى المصلحة للمسلمين في إحدى الخصال، تعينت عليه

، ولم يجز له غيرها؛ لأنه ناظر للمسلمين فلم يجز له ترك ما فيه الحظ لهم، كولي اليتيم، فمتى رأى القتل، ضرب عنقه بالسيف؛ لقول الله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بالذين قتلهم، فضربت أعناقهم، ولا يجوز التمثيل به؛ لما روى بريدة، «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أمر أميراً على جيش، أو سرية قال: اغزوا بسم الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تغلوا» وإن اختار الفداء، جاز أن يفاديهم بأسارى المسلمين، وجاز بالمال؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعل الأمرين. وقال أبو الخطاب: لا يجوز فداؤهم بالمال في أحد الوجهين، فإن فادى بالمال، أو استرقهم، كان الرقيق، والمال للغانمين. وليس له إطلاق الأسارى ولا المال إلا برضاهم؛ لما روى مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما جاءه وفد هوازن مسلمين قال: إن إخوانكم جاءوا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد عليهم سبيهم، فمن أحب أن يطيب ذلك، فليفعل، ومن أحب أن يكون على حقه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا، فليفعل فقال الناس: قد طيبنا ذلك يا رسول الله.» أخرجه البخاري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015