وروى ابن عمر «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حرق نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة، فأنزل الله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5] ولها يقول حسان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:

وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير

رواه مسلم.

» وروى أسامة «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان عهد إليه فقال: أغر على أُبْنَى صباحاً وحرق» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

والثانية: لا يجوز إلا أن يكونوا يفعلون ذلك بنا؛ لما روي أن أبا بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال ليزيد وهو يوصيه حين بعثه أميراً: يا يزيد لا تقتل صبياً، ولا امرأة، ولا هرماً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شجراً مثمراً، ولا دابة عجماء، ولا شاة إلا لمأكلة، ولا تحرقن نحلاً ولا تغرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن. رواه سعيد. فإن كانوا يفعلونه في بلدنا، جاز فعله بهم، لينتهوا، وإن أخذنا منهم مالاً، فعجزنا عن تخليصه إلى دار الإسلام. جاز إتلافه كيلا ينتفعوا به.

فصل

ويخير الإمام في الأسرى من أهل القتال بين أربعة أشياء؛ القتل، والفداء، والمن، والاسترقاق. فأما الفداء والمن، فقول الله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] ؛ ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنَّ على أبي عزة الجمحي الشاعر ومَنَّ على أبي العاص بن الربيع، ومَنَّ على ثمامة بن أثال الحنفي. وفادى أسيراً برجلين من أصحابه أسرتهما ثقيف، وفادى أُسارى بدر بالمال. وأما القتل، «فلأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قتل يوم بدر النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط صبراً» ، «وقتل يوم أحد أبا عزة الجمحي» ، وقتل قريظة؛ ولأنه أنكى فيهم وأبلغ في إرهابهم، فيكون أولى. وأما الاسترقاق فيجوز في أهل الكتاب والمجوس؛ لأنه يجوز إقرارهم على كفرهم بالجزية، فالرق أولى؛ لأنه أبلغ في صغارهم، وإن كان من غيرهم، ففيه روايتان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015