صاحب البيت بحصاة، أو طعنه بعود، فقلع عينه، لم يضمنها؛ لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة، ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح» . وعن سهل بن سعد: «أن رجلاً اطلع في جحر من باب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحك رأسه بمدرى في يده، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لو علمت أنك تنظرني، لطعنت بها في عينك» متفق عليهما. ظاهر كلام أحمد أنه لا يعتبر أن لا يمكن دفعه إلا بذلك، لظاهر الخبر. قال ابن حامد: يدفعه أولاً بأسهل ما يمكن دفعه به، كالصائل سواء. وليس له رميه بحجر كبير يقتله، ولا بحديدة، فإن فعل، ضمنه؛ لأنه إنما يملك ما يقلع بع العين المبصرة التي حصل الأذى منها. فإن لم يمكن دفعه بالشيء اليسير، جاز بالكبير حتى يأتي ذلك على نفسه، ولا ضمان عليه؛ لأنه تلف بفعل جائز. وسواء كان في البيت حرمة ينظر إليها، أو لم يكن، لعموم الخبر.

وإن كان المطلع أعمى، لم يجز رميه؛ لأنه لا ينظر، فصار وجهه، كقفا غيره.

وإن اطلع ذو محرم لأهله، لم يجز رميه؛ لأنه غير ممنوع من النظر إلا أن تكون المرأة متجردة، فيجوز رميه؛ لأنه يحرم عليه النظر إليها متجردة كالأجنبي. ولو تجرد إنسان في طريق، لم يجز له رمي من نظر إليه؛ لأنه هتك نفسه بتجرده في غير موضع التجرد.

فصل

وإن صالت عليه بهيمة، فله دفعها بأسهل ما تندفع به، فإن لم يمكن إلا بالقتل فقتلها، لم يضمنها؛ لأنه إتلاف بدفع جائز، فلم يضمنه، كدفع الآدمي الصائل ولأنه حيوان قتله لدفع شره. أشبه الآدمي.

فصل

ومن قتل إنساناً، أو بهيمة، أو جنى عليهما، وادعى أنه فعل ذلك للدفع عن نفسه، أو حرمته، أو قتل رجلاً وامرأته، وادعى أنه وجده معها، فأنكر الولي، فالقول قول الولي، وله القصاص؛ لما روي أن علياً - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سئل عن رجل قتل امرأته ورجلاً معها، وادعى أنه وجده معها، فقال علي: إن جاء بأربعة شهداء، وإلا دفع برمته، ولأن القتل متحقق، وما يدعيه خلاف الظاهر. وإن أقام بينة أنه قصده بسلاح مشهور، فضربه هذا، لم يضمنه؛ لأن الظاهر أنه قصد قتله. وإن شهدت أنه دخل بسلاح غير مشهور، لم يسقط الضمان؛ لأنه ليس هاهنا ما يدفعه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015