بالعصا، وإن اندفع بالعصا، لم يجز ضربه بحديدة، وإن أمكنه دفعه بقطع عضو، لم يجز قتله، وإن لم يمكن إلا بالقتل، قتله ولم يضمنه؛ لأنه قتل بحق فلم يضمنه، كالباغي. وإن قتل الدافع، فهو شهيد، وعلى الصائل ضمانه، للخبر ولأنه قتل مظلوماً، فأشبه ما لو قتله في غير الدفع. فإن أمكنه دفعه بغير قطع شيء منه، فقطع منه عضواً، ضمنه، وإن أمكنه دفعه بقطع عضو، فقتله، أو قطع زيادة على ما يندفع به، ضمنه؛ لأنه جنى عليه بغير حق، أشبه الجاني ابتداء، ولأنه معصوم أبيح منه ما يندفع به شره، ففيما عداه يبقى على العصمة. فإذا ضربه فعطله، لم يجز أن يضربه أخرى؛ لأنه قد انكف أذاه وهو المقصود. وإن قطع يده، فولى عنه، فضربه، فقطع رجله، ضمن رجله؛ لأنها قطعت بغير حق، ولم يضمن اليد؛ لأنها قطعت بحق. وإن مات منهما، فلا قصاص في النفس؛ لأنه من مباح ومحظور، ويضمن نصف ديته.
فصل
وإن عض يد إنسان، فانتزعها من فيه، فانقلعت ثناياه، لم يضمنها؛ لما روى عمران بن حصين «أن يعلى بن أمية قاتل رجلاً، فعض أحدهما يد صاحبه، فانتزع يده من فيه، فانتزع ثنيته، فاختصما إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: أيعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية له» متفق عليه؛ ولأن فعله ألجأه إلى الإتلاف، فلم يضمنه، كما لو رماه بحجر، فعاد عليه فقتله.
وإن أراد رجل امرأة فقتلته دفعاً عن نفسها، لم تضمنه، نص عليه أحمد، وذكر حديثاً عن عبيد بن عمير أن رجلاً ضاف ناساً من هذيل، فأراد رجل منهم امرأة عن نفسها، فرمته بحجر فقتلته، فقال عمر: والله لا يودى أبداً. ولو وجد رجل رجلاً يزني بامرأته فقتلهما لم يضمنهما؛ لما روى سعيد بإسناده عن إبراهيم أن قوماً قالوا لعمر: يا أمير المؤمنين، إن هذا قتل صاحبنا مع امرأته، فقال عمر: ما يقول هؤلاء؟ قال: ضرب الآخر فخذي امرأته بالسيف، فإن كان بينهما أحد فقد قتله، فقال له عمر: ما تقول؟ قالوا: ضرب بسيفه، فقطع فخذي المرأة، فأصاب وسط الرجل، فقطعه باثنين، فقال عمر: إن عادوا فعد. إلا أن تكون المرأة مكرهة، فلا يحل قتلها. وإن قتلها، ضمنها؛ لأنه قتلها بغير حق.
فصل
ومن اطلع في بيت غيره من ثقب، أو شق باب، أو باب غير مفتوح. فرماه