ما دون أن أطأها، فقال: أصليت معنا؟ قال: نعم. فتلا عليه: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] .» فإن جاء تائباً معترفاً يظهر منه الندم والإقلاع، جاز ترك تعزيره للخبر. وإن لم يكن كذلك، وجب تعزيره؛ لأنه أدب مشروع لحق الله تعالى، فوجب كالحد.

فصل

وإن مات من التعزير، لم يجب ضمانه؛ لأنه مات من عقوبة مشروعة للردع والزجر، فلم يضمن ما تلف بها، كالحد. وإن تجاوز التعزير المشروع، ضمن، كما لو تجاوز الحد في الحد.

[باب دفع الصائل]

كل من قصد إنساناً في نفسه، أو أهله، أو ماله، أو دخل منزله بغير إذنه، فله دفعه؛ لما روى عبد الله بن عمرو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل، فهو شهيد» . رواه الخلال بإسناده. وقال الحسن: من عرض لك في مالك، فقاتله، فإن قتلته فإلى النار، وإن قتلك فشهيد؛ ولأنه لو لم يدفعه لاستولى قطاع الطرق على أموال الناس، واستولى الظلمة والفساق على أنفس أهل الدين وأموالهم. ولا يجب الدفع؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال في الفتنة: «اجلس في بيتك، فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف، فغط وجهك» . وفي لفظ: «فكن كخير ابني آدم» وفي لفظ: «فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل» ؛ ولأن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لم يدفع عن نفسه، إلا أن يراد أهله، فيجب الدفع؛ لأنه لا يجوز إقرار المنكر مع إمكان دفعه، وللمسلمين عون المظلوم، ودفع الظالم؛ لقول الله تعالى: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً قال: كيف أنصره إذا كان ظالماً؟ قال: ترده عن ظلمه» وقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «المؤمنون يتعاونون على الفتان» ولأنهم لو لم يتعاونوا على دفع الظلم، لقهرهم الظلمة وقطاع الطريق.

فصل

ويدفع الصائل بأسهل ما يمكن الدفع به، فإن أمكن دفعه بيده، لم يجز ضربه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015