متفرقاً، أقيم لكل مطالب مرة؛ لأن استيفاء المطالب الأول له خاصة، فلم يسقط به حق الباقين. وإن قال لامرأة: زنى بك فلان، فهي كالتي قبلها؛ لأنه قذفهما بكلمة واحدة ويحتمل ألا يجب إلا حد واحد، وجهاً واحداً؛ لأن القذف لهما بزنا واحد، يسقط حده ببينة واحدة، ولعان واحد إن كانت المرأة زوجته.
فصل
ومن وجبت عليه حدود قذف لجماعة، فأيهم طالب بحده، استوفي له، ثم إذا طالب غيره استوفي له، كالديون. فإن اجتمعا في الطلب قدم أسبقهما حقاً؛ لأن السابق أولى. فإن تساويا، أقرع بينهما إن تشاحا. ولو قال: يا زاني ابن الزانية، كان قاذفاً لهما بكلمتين. فأيهما طالب حد له. فإن اجتمعا وتشاحا، حد للابن أولاً؛ لأنه بدأ بقذفه، ثم يحد لأمه. ومتى حد مرة، لم يحد لآخر حتى يبرأ ظهره؛ لأنه لا يؤمن مع الموالاة التلف. فإن كان القاذف عبداً فكذلك؛ لأنهما حدان، فأشبها حدي الحر. ويحتمل أن لا يوالى بينهما، ولأنهما جميعاً كحد حر، فيوالى بينهما، كما يوالى بينه.
فصل
وإن قذف واحداً مرات، ولم يحد، فحد واحد؛ لأنها من جنس واحد لمستحق واحد. فإذا كانت قبل الإقامة، تداخلت، كسائر الحدود، وإن حد مرة، ثم قذفه بذلك الزنا، عزر ولم يحد؛ لأن أبا بكرة شهد على المغيرة بالزنا، فجلده عمر، ثم أعاد أبو بكرة القذف، فأراد عمر جلده، فقال علي: إن كنت تريد أن تجلده فارجم صاحبه، فترك عمر جلده. يعني: إن نزلته منزلة أجنبي شهد بزناه، فقد كملت شهادة أربعة. فإن لم تجعله كشاهد آخر، فلا تحده، ولأنه قد حصل التكذيب بالحد، فاستغني عما سواه. وإن قذفه بزنا آخر عقيب الحد، ففيه روايتان:
إحداهما: يحد؛ لأنه قذف بعد الحد، لم يظهر كذبه فيه بحد، فلزمه الحد، كما لو قذفه بعد زمن طويل.
والثانية: لا حد عليه؛ لأنه قد حد له مرة، فلا يحد له ثانياً، كما لو قذفه بالزنا الأول. وإن قذفه بعد طول الفصل، حد؛ لأنه لا تسقط حرمة عرض المقذوف بإقامة الحد له، وذكر القاضي فيها روايتين كالتي قبلها:
فصل
وإذا قال الرجل: يا ولد الزنا، أو يا ابن الزانية، فهو قاذف لأمه. فإن كانت حية، فهو قاذف لها دونه؛ لأن الحق لها، ويعتبر فيها شروط الإحصان؛ لأنها المقذوفة. وإن كانت أمه ميتة، فالقذف له؛ لأنه قدح في نسبه. وعلى سياق هذا، لو قذف جدته، ملك