وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل
وسواء قال في الجبل، أو لم يقل؛ لأن معناها لا يختلف بذلك وعدمه. وإن قال لرجل: يا زانية، أو لامرأة: يا زاني، فهو قاذف لهما؛ لأن اللفظ صريح في الزنا وزيادة هاء التأنيث في المذكر، وحذفها من المؤنث خطأ لا يغير المعنى، فلم يمنع الحد كاللحن، هذا قول أبي بكر. وقال ابن حامد: ليس بقذف يوجب الحد؛ لأنه يحتمل أن يريد بذلك أنك علامة في الزنا، كالراوية والحفظة. وإن قال لامرأة: زنيت بفتح التاء، ولرجل زنيت بكسرها، فهو قاذف لهما؛ لأنه خاطبهما بنسبة الزنا إليهما، فأشبه ما لو لم يلحن. وإن قذف رجلاً. فقال آخر: صدقت، ففي المصدق وجهان:
أحدهما: يكون قاذفاً؛ لأن تصديقه ينصرف إلى الكلام الذي قبله، كما لو قال: لي عليك ألف. قال: صدقت. والثاني: لا يكون قذفاً؛ لأنه يحتمل بتصديقه في غير هذا. وإن قال: أخبرني فلان أنك تزني، فكذبه الآخر، فليس بقاذف؛ لأنه إنما أخبر عن غيره، فأشبه ما لو صدقه الآخر، ويحتمل أنه قاذف، ذكره أبو الخطاب؛ لأنه نسب إليه الزنا. وإن قال رجل لامرأة: زنيت، فقالت: بك، فلا حد عليهما؛ لأنها صدقته، فسقط الحد عنه، ولا حد عليها؛ لأنها لم تقذفه؛ لأنه يتصور زناها به من غير أن يكون زانياً، بأن تكون عالمة بأنه أجنبي، وهو يظنها زوجته، أو نائماً، استدخلت ذكره ونحو ذلك. وإن قال: زنت يداك، أو رجلاك، لم يكن قاذفاً في ظاهر المذهب، وهو قول ابن حامد؛ لأن زنا هذه الأعضاء لا يوجب الحد، بدليل قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «العينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي، يصدق ذلك الفرج، أو يكذبه» . ويحتمل أن يكون قاذفاً؛ لأنه أضاف الزنا إلى عضو منه، فأشبه ما لو قال: زنى فرجك. وإن قال: زنى بدنك، ففيه وجهان:
أحدهما: هو كقوله: زنت يداك؛ لأن الزنا بجميع البدن يكون بالمباشرة، فلم يكن قذفاً.
والثاني: عليه الحد؛ لأنه أضاف الزنا إلى جميع البدن والفرج منه.
فصل
وأما الكناية، فنحو قوله: يا قحبة، يا فاجرة، يا خبيثة، أو يقول للرجل: يا مخنث، أو يا نبطي يا فارسي وليس هو كذلك، أو يقول لزوجة رجل: قد فضحتيه،