والاختيار، بخلاف المرأة، ويحتمل أن لا يجب عليه حد، لعموم الخبر، ولأن الحد يدرأ بالشبهات، وهذا من أعظمها. فأما إن استدخلت امرأة ذكره وهو نائم، فلا حد عليه؛ لأنه غير مكلف، ولم يفعل الزنا.
فصل
والثالث: أن يكون عالماً بالتحريم، ولا حد على من جهل التحريم؛ لما روي عن عمر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، أنهما قالا: لا حد إلا على من علمه. وروى سعيد بن المسيب قال: ذكر الزنا بالشام، فقال رجل: زنيت البارحة، قالوا: ما تقول؟ قال: ما علمت أن الله حرمه، فكتب بها إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فكتب: إن كان يعلم أن الله حرمه، فحدوه، وإن لم يكن علم، فأعلموه، فإن عاد فارجموه. وسواء جهل تحريم الزنا، أو تحريم عين المرأة، مثل أن تزف إليه غير زوجته، فيظنها زوجته، أو يدفع إليه غير جاريته، فيظنها جاريته، أو يجد على فراشه امرأة يحسبها زوجته أو جاريته، فيطأها، فلا حد عليه؛ لأنه غير قاصد لفعل المحرم. ومن ادعى الجهل بتحريم الزنا، ممن نشأ بين المسلمين، لم يصدق؛ لأننا نعلم كذبه. وإن كان حديث عهد بالإسلام، أو بإفاقة من جنون، أو ناشئاً ببادية بعيدة عن المسلمين، صدق؛ لأنه يحتمل الصدق، فلم يجب الحد مع الشك في الشرط. وإن ادعى الجهل بتحريم شيء من الأنكحة الباطلة، كنكاح المعتدة، أو وطء الجارية المرهونة بإذن الراهن، وادعى الجهل بالتحريم قُبِلَ؛ لأن تحريم ذلك يحتاج إلى فقه، ويحتمل أن لا يقبل، إلا ممن يقبل قوله في الجهل بتحريم الزنا؛ لأنه زنا، والأول أصح؛ لما روي عن عبيد بن نضلة قال: رفع إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - امرأة تزوجت في عدتها، فقال: هل علمتما؟ فقالا: لا. قال: لو علمتما لرجمتكما، فجلده أسواطاً، ثم فرق بينهما. وإن ادعى الجهل بانقضاء العدة، قبل إذا كان يحتمل ذلك؛ لأنه مما يخفى.
فصل
الرابع: انتفاء الشبهة، فلا حد عليه بوطء الجارية المشتركة بينه وبين غيره، أو وطء مكاتبته، أو جاريته المرهونة، أو المزوجة، أو جارية ابنه، أو وطء زوجته أو جاريته في دبرها، ولا بوطء امرأة في نكاح مختلف في صحته، كالنكاح بلا ولي أو بلا شهود، ونكاح الشغار، والمتعة، وأشباه ذلك؛ لأن الحد مبني على الدرء والإسقاط بالشبهات، وهذه شبهات فيسقط بها.
فصل
فأما الأنكحة المجمع على بطلانها، كنكاح الخامسة، والمعتدة، والمزوجة،