ومطلقته ثلاثاً، وذوات محارمه من نسب، أو رضاع، فلا يمنع وجوب الحد، لما ذكرنا من حديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وروى أبو بكر بإسناده عن خلاس عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه رفع إليه امرأة تزوجت ولها زوج، فكتمته، فرجمها وجلد زوجها الآخر مائة جلدة، ولأنه وطء محرم بالإجماع في غير ملك، ولا شبهة ملك، أشبه وطأها قبل العقد. وفي حد الواطئ لذات محرمه بعقد أو بغير عقد، روايتان:
إحداهما: حده حد الزنا؛ لعموم الآية والخبر فيه.
والثانية: يقتل بكل حال، لما «روى البراء قال: لقيت عمي ومعه الراية، قال: فقلت: إلى أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى رجل نكح امرأة أبيه من بعده، أن أضرب عنقه، وآخذ ماله.» قال الترمذي: هذا حديث حسن. وروى ابن ماجه بإسناده عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من وقع على ذات محرم فاقتلوه» .
فصل
فإن ملك من يحرم عليه بالرضاع، كأمه، وأخته، فوطئها، ففيه وجهان:
أحدهما: عليه الحد؛ لأنها لا تستباح بحال، فأشبهت المحرمة بالنسب.
والثاني: لا حد عليه؛ لأنها مملوكته، فأشبهت مكاتبته. بخلاف ذات محرمه من النسب. فإنه لا يثبت ملكه عليها، ولا يصح عقد تزويجها.
فصل
وإن استأجر أمة ليزني بها، أو لغير ذلك، فزنى بها، فعليه الحد؛ لأنه لا تصح إجارتها للزنا، فوجوده كعدمه، ولا تأثير لعقد الإجارة على المنافع في إباحة الوطء فكان كالمعدوم. ومن وطئ جارية غيره، أو زوجته بإذنه، فهو زان عليه الحد؛ لأنه لا يستباح بالبذل والإباحة، سواء كانت جارية أبيه، أو أمه، أو أخته، أو غيرهم، إلا جارية ابنه، لما ذكرنا، وذكر ابن أبي موسى قولاً في الابن يطأ جارية أبيه: لا حد عليه؛ لأنه لا يقطع بسرقة ماله، فلا يلزمه حد بوطء جاريته، كالأب، وجارية زوجته، إذا أذنت له في وطئها، فإنه يجلد مائة، ولا يرجم بكراً كان، أو ثيباً، ولا تغريب عليه؛ لما روى حبيب بن سالم أن عبد الرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته، فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أمير على الكوفة، فقال: لأقضين فيك بقضية رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ إن كانت أحلتها لك، جلدتك مائة، وإن لم تكن أحلتها لك، رجمتك بالحجارة، فوجدوه قد أحلتها له،