والثانية: لا يحد، ولكن يعزر؛ لأن الحد يجب للزجر عما يشتهى وتميل إليه النفس، وهذا مما تعافه وتنفر عنه.
فإن قلنا: يحد، ففي حده وجهان:
أحدهما: القتل للخبر.
والثاني: كحد الزنا؛ لما ذكرنا في اللائط. وإن تدالكت المرأتان، فهما زانيتان، للخبر، ولا حد عليهما؛ لأنه لا إيلاج فيه، فأشبه المباشرة فيما دون الفرج، وعليهما التعزير؛ لأنها فاحشة لا حد فيها، أشبهت المباشرة دون الفرج.
فصل
ولا يجب الحد إلا بشروط خمسة:
أحدها: أن يكون الزاني مكلفاً، كما ذكرنا في السرقة، فإن كان أحد الزانيين غير مكلف، أو مكرهاً، أو جاهلاً بالتحريم، وشريكه بخلاف ذلك، وجب الحد على من هو أهل للحد، دون الآخر؛ لأن أحدهما انفرد بما يوجب الحد، وانفرد الآخر بما يسقطه، فثبت في كل واحد منهما حكمه، دون صاحبه كما لو كان شريكه فذاً. وإن كان أحدهما محصناً، والآخر بكراً. فعلى المحصن حد المحصنين، وعلى البكر حد الأبكار كذلك. وإن أقر أحدهما بالزنا، دون الآخر، حُدّ المقر وحده؛ لما روى سهل بن سعد «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أن رجلاً أتاه فأقر عنده أنه قد زنى بامرأة، فسماها له، فبعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المرأة فسألها عن ذلك، فأنكرت أن تكون قد زنت، فجلده الحد، وتركها.» رواه أبو داود؛ ولأن عدم الإقرار من صاحبه لا يبطل إقراره، كما لو سكت.
فصل
الشرط الثاني: أن يكون مختاراً، فإن أكرهت المرأة، فلا حد عليها، سواء أكرهت بالإلجاء أو بغيره، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» . وروى سعيد بإسناده عن طارق بن شهاب قال: أتي عمر بامرأة قد زنت، قالت: إني كنت نائمة فلم أستيقظ إلا برجل قد جثم علي، فخلى سبيلها ولم يضربها. وروي: أنه أتي بامرأة قد استسقت راعياً، فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها. فقال لعلي: ما ترى فيها؟ فقال: إنها مضطرة، فأعطاها شيئاً وتركها. فأما الرجل إذا أكره بالتهديد، فقال أصحابنا: يجب عليه الحد؛ لأن الوطء لا يكون إلا بالانتشار الحادث عن الشهوة،