سرقة نصاب. وإن كان المالك غائباً وله وكيل حاضر، قام مقامه في الطلب. وإن لم يحضر له وكيل، فقال القاضي: يحبس حتى يحضر، وإن كانت العين في يده، حفظها الحاكم للغائب.
فصل
وإن ثبتت السرقة ببينة، فأنكر السارق، لم يلتفت إلى إنكاره؛ لأن الإنكار شرط سماع البينة في مواضع فلم يقدح فيها. وإن قال: إنما أخذت ملكي، أو لي فيه ملك، أو دخلت بإذن المالك، فالقول قول المسروق منه مع يمينه. وإن نكل، قضي عليه، وإن حلف، ففي القطع ثلاث روايات:
إحداهن: لا يقطع؛ لأنه يحتمل صدقه، ولذلك أحلفنا خصمه، وهذا شبهة يندرئ بها الحد.
والثانية: يقطع، لئلا يتخذ ذلك وسيلة إلى إسقاط القطع، فتفوت مصلحته.
والثالثة: إن كان معروفاً بالسرقة، لم تقبل دعواه؛ لأننا نعلم كذبه. وإن لم يعرف بالسرقة، قبلت دعواه، لاحتمال صدقه، فيصير ذلك شبهة، والأول أولى. فإن أقر العبد بسرقة مال في يده، وادعى ذلك المسروق منه، وكذبه السيد، وقال: بل هذه الدراهم لي، قطع العبد، وكانت الدراهم للسيد، نص عليه أحمد؛ لأن الموجب للقطع الإقرار مع مطالبة المدعي، وقد وجد ذلك، وتكون الدراهم للسيد؛ لأن ما في يد العبد محكوم به لسيده؛ لأن يده كيده. ويحتمل ألا يجب القطع؛ لأن المال محكوم به لسيده، فلا يجب القطع بأخذه، كما لو ثبت له ببينة، ولأنه لم تثبت المطالبة من المالك، فيكون ذلك محكوماً به للسيد. وإن طالب المالك وثبت القطع، ثم عفا عن المطالبة بعد ذلك، لم يسقط القطع، بدليل أن صفوان عفا عن الطلب من سارق ردائه، فلم يدرأ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه القطع، ولأنه قد وجب، فلم يسقط، كما لو وهبه إياه. وإن أكذب المدعي نفسه، وقال: لم يكن هذا المال لي، ولم يسرق مني شيئاً، أو أنا أذنت له في أخذه، ونحو هذا، سقط القطع؛ لأنه رجع عن شرط الوجوب، فأشبه رجوع البينة عن الشهادة، أو المقر عن الإقرار.
فصل
وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من مفصل الكوع؛ لأن في قراءة عبد الله بن مسعود: " فاقطعوا أيمانهما " ولما روي عن أبي بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنهما قالا: إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه من مفصل الكوع، ولا مخالف لهما في الصحابة؛ ولأن البطش باليمنى وهو حاصل بالكف، وما زاد من الذراع تابع، لهذا تجب الدية فيه