سرقت؟ قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً، فأمر به فقطع.» رواه أبو داود. ولو وجب القطع بأول مرة، لم يؤخره، وعن القاسم بن عبد الرحمن: أن علياً - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أتاه رجل، فقال: إني سرقت، فطرده، ثم عاد مرة أخرى، فقال: إني سرقت، فأمر به علي أن يقطع، وقال: شهدت على نفسك مرتين، وقطع يده. رواه الجوزجاني، ولأنه حد يتضمن إتلافاً، فاعتبر في إقراره التكرار، كحد الزنا.
فصل
قال أحمد: لا بأس بتلقين السارق ليرجع عن إقراره؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمقر بالسرقة: «ما إخالك سرقت» وطرد علي له. وروي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أتي برجل فقال: أسرقت؟ قل: لا، فقال: لا، فتركه.
ولا بأس بالشفاعة في السارق قبل أن يبلغ الإمام؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب» وقال الزبير بن العوام - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الشفاعة في الحد: يفعل ذلك دون السلطان، فإذا بلغ الإمام، فلا أعفاه الله إن أعفاه. وإذا بلغ الإمام، حرمت الشفاعة فيه كذلك؛ لما روي: أن «أسامة بن زيد شفع في المخزومية التي سرقت، فغضب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال: أتشفع في حد من حدود الله» . وقال ابن عمر: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله في حكمه.
فصل
التاسع: أن يأتي مالك المسروق ويدعيه سواء ثبتت سرقته ببينة، أو إقرار. وقال أبو بكر: ليس بشرط؛ لأن موجب الحد قد ثبت، فوجب من غير طلب، كالزنا.
والأول: أولى؛ لأن المال يباح بالبذل والإباحة، فيحتمل أن مالكه أباحه إياه، أو أذن له في دخول حرزه، أو وقفه على طائفة السارق منهم، فاعتبر الطلب لنفي هذا الاحتمال، بخلاف الزنا. فإن حضر المالك وطالب، لكنه خالف المقر، فقال: لم تسرق مني، لكن غصبتني، أو انتهبت مني، أو خنتني، أو جحدت وديعتي، لم يقطع؛ لأنه لم يوافق دعوى المدعي. وإن كان النصاب لاثنين، فخالفه أحدهما في إقراره، لم يقطع؛ لأنه لم يوافق على سرقة النصاب، وإن كان لمن وافقه نصاب قطع، لموافقته على