وحده، ويحسم موضع القطع، وهو: أن يغلى الزيت غلياً جيداً، ثم تغمس فيه، لتحسم العروق، وينقطع الدم؛ لما روى أبو هريرة: «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتي بسارق فقال: اذهبوا به، فاقطعوه، ثم احسموه، ثم ائتوني به فقطع وأتي به، فقال: تب إلى الله تعالى فقال: تبت إلى الله. فقال: تاب الله عليك» .

ولا يجب الحسم؛ لأنه مداواة، فلم يجب على القاطع، كالمقتص، وثمن الزيت، وأجرة القاطع من بيت المال؛ لأنه من المصالح، فإن لم يكن للسارق يد يمنى، قطعت رجله اليسرى؛ لأنه معدوم اليمنى، فقطعت رجله اليسرى، كالسارق في المرة الثانية. وإن كانت يده ناقصة الأصابع، قطعت؛ لأن اسم اليد يقع عليها. فإن ذهبت الأصابع كلها، ففيه وجهان:

أحدهما: يقطع الكف؛ لأنه بعض ما يقطع في السرقة، فوجب قطعه، كما لو كان عليه بعض الأصابع.

والثاني: لا يقطع؛ لأنه تجب فيه دية اليد، أشبه الذراع، وإن كانت اليمنى شلاء، لم تقطع، نص عليه؛ لأنها ذاهبة النفع، فأشبه كفاً لا أصابع عليه، وينتقل إلى الرجل. وعنه: يسأل أهل الطب، فإن قالوا: إنها إذا قطعت، رقأ دمها، وانسدت عروقها، قطعت؛ لأن اسم اليد يقع عليها، فهي كالصحيحة. وإن قالوا: لا يرقأ دمها، لم تقطع؛ لأن ذلك يؤدي إلى تلفه. ويعدل إلى الرجل. وإن سرق وله يد صحيحة، فلم تقطع حتى ذهبت بآكلة، أو نحوها، سقط الحد؛ لأن الحد تعلق بها، فسقط بذهابها، كما لو مات من عليه الحد.

فصل

فإن سرق ثانياً، قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إن سرق، فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله» ؛ ولأنه في المحاربة تقطع يده اليمنى، ورجله اليسرى كذا هاهنا، وإنما قطعت اليسرى للرفق به؛ لأنه يتمكن من المشي على خشبة. ولو قطعت يمناه، لم يمكنه ذلك. وموضع القطع المفصل؛ لأنه يروى عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنها أحد المقطوعين فتقطع من المفصل. كاليد.

فصل

فإن سرق ثالثة، ففيه روايتان:

إحداهما: يحبس، ولا يقطع غير يد ورجل؛ لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015