بمحارب، وحكمه حكم القاتل في المصر. وإن قتل المحارب من لا يكافئه، كحر قتل عبداً، أو مسلم قتل ذمياً، ففيه روايتان:
إحداهما: يقتل ويصلب؛ لعموم ما روينا؛ ولأنه حد لله تعالى، فلم تعتبر فيه المكافأة. كقطع السارق.
والثانية: لا تقتل به؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يقتل مسلم بكافر» . وإن جرح إنساناً جرحاً يجب في مثله القصاص، وجب القصاص. وهل يتحتم؟ فيه وجهان:
أحدهما: يتحتم؛ لأنه نوع قود، أشبه القود في النفس.
والثاني: لا يتحتم؛ لأن الله تعالى ذكر حدود المحاربين، فذكر القتل والصلب، والقطع، ولم يذكر الجرح، فيكون حكمه حكم الجرح في غير المحاربة.
فصل
ويشترط لوجوب القطع في المحاربة ثلاثة أشياء:
أحدها: أن يأخذ المال مجاهرة وقهراً، فإن أخذه مختفياً فهو سارق. وإن اختطفه وهرب به، فهو منتهب، لا قطع عليه؛ لأن عادة قطاع الطريق القهر، فيعتبر ذلك فيهم.
والثاني: أن يأخذ ما يقطع السارق في مثله؛ لأنه قطع يجب بأخذ المال، فاعتبر النصاب، كقطع السارق. فإن أخذ جماعتهم ما يجب به القطع، قطعوا كالمشتركين في السرقة.
والثالث: أن يأخذ من حرز، فإن أخذ منفرداً عن القافلة، أو من جمال ترك القائد تعهدها، لم يقطع لما ذكرناه.
فصل
وإذا كان المحارب معدوم اليد اليمنى، والرجل اليسرى، وأخذ المال، انبنى ذلك على الروايتين في السارق، إن قلنا: يؤتى على أطرافه كلها، قطعت هنا يده اليسرى، ورجله اليمنى، وإن قلنا: لا يؤتى عليها، سقط القطع. وإن وجد أحد طرفيه دون الآخر، قطع الموجود حسب؛ لأن ما يتعلق به الفرض معدوم، فسقط، كغسلها في الوضوء. وإن قطع القاطع يد المحارب اليسرى، ورجله اليمنى مع وجود الطرفين الآخرين، أساء، وأجزأ؛ لأننا لو أوجبنا قطع الطرفين الآخرين، أفضى إلى قطع أربعته بمحاربة واحدة.