من سب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال الخرقي: ومن قذف أم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قتل، مسلمًا كان أو كافرًا، وقال أبو الخطاب: هل تقبل توبة من سب الله تعالى ورسوله؟ على روايتين:
إحداهما: لا تقبل؛ لأن قتله موجب السب والقذف، فلا يسقط بالتوبة، كحد القذف.
والثانية: تقبل لأنه لا يزيد على اتخاذ الصاحبة والولد لله سبحانه وتعالى، وقد سماه الله تعالى شتمًا، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما يخبر عن ربه تعالى أنه قال: «شتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني، أما شتمه إياي فقوله: إن لي صاحبة وولدًا» والتوبة من هذا مقبولة بالاتفاق.
فصل
وتثبت التوبة من الردة والكفر الأصلي، بأن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؛ لخبر أنس، إلا أن يكون ممن يعتقد أن محمدًا بعث إلى العرب خاصة، أو يزعم أن محمدًا نبي يبعث غير نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا يصح إسلامه حتى يشهد أن نبينا محمدًا نبي بعث إلى الناس كافة، أو يتبرأ مع الشهادتين من كل دين خالف الإسلام؛ لأنه يحتمل أن يريد بالشهادة ما يعتقده. وإن شهد أن محمدًا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقط، ففيه روايتان:
إحداهما: يحكم بإسلامه؛ لأنه لا يقر برسالته، إلا وهو مقر بمن أرسله.
والثانية: إن كان ممن يقر بالتوحيد كاليهود، حكم بإسلامه؛ لأن كفره بجحده لرسالة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن كان ممن لا يوحد الله تعالى كالنصراني، لم يحكم بإسلامه، حتى يشهد أن لا إله إلا الله؛ لأنه غير موحد، فلا يحكم بإسلامه حتى يوحد الله تعالى، ويقر بما كان يجحده، وإن ارتد بجحد فرض، أو استحلال محرم، لم يصح إسلامه، حتى يرجع عما اعتقده، ويعيد الشهادتين؛ لأنه كذب الله تعالى ورسوله بما اعتقده، وإن صلى الكافر، حكمنا بإسلامه، سواء صلى جماعة، أو فرادى في دار الحرب، أو الإسلام؛ لأنها ركن يختص به الإسلام، فحكم بإسلامه، بها كالشهادتين، ولأن ما كان إسلامًا في دار الحرب، كان إسلامًا في دار الإسلام، كالشهادتين، وإن قال: أنا مؤمن، أو مسلم، حكم بإسلامه، وإن لم يلفظ بالشهادتين، ذكره القاضي؛ لأن ذلك اسم لشيء، فإذا أخبر به، فقد أخبر بذلك الشيء.
فصل
وإن أصر على الردة قتل بالسيف؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة»