ولا يقتله إلا الإمام؛ لأنه قتل يجب لحق الله تعالى، فكان إلى الإمام، كرجم الزاني، وإن قتله غيره بغير إذنه أساء، ويعزر لافتئاته على الإمام، ولا ضمان عليه؛ لأنه أتلف محلًا غير معصوم.
فصل
وإذا ارتد، لم يزل ملكه؛ لأنه سبب مبيح لدمه، فلم يزل ملكه، كزنا المحصن، وإن وجد منه سبب يقتضي الملك، كالاصطياد، والابتياع، ملك به كذلك، ويرفع الحاكم يده عن ماله، ويمنعه التصرف فيه، ويقضي ديونه من ماله، وأرش جناياته، وينفق على من يلزمه الإنفاق عليه، وإن تصرف المرتد في ماله، ببيع أو هبة ونحوها، كان تصرفه موقوفًا، إن أسلم تبينا وقوعه صحيحًا، وإن لم يسلم كان باطلًا؛ لأنه تعلق به حق جماعة المسلمين بردته، فأشبه تبرع المريض لوارثه، وقال أبو بكر: يزول ملكه بردته؛ لأن المسلمين ملكوا إراقة دمه، فوجب أن يملكوا ماله كالأصلي؛ لأنه زالت عصمته بردته، فوجب أن تزول عصمة ماله، فلا تصح تصرفاته، ولا تملك بأسباب الملك، ولا تنفق على أهله منه، فإن أسلم رد إليه تمليكًا مستأنفًا، وإن قتل أو مات قُضيت ديونه؛ لأن موته لا يمنع قضاء دينه.
فصل
ولا يجوز استرقاق المرتد؛ لأنه لا يجوز إقراره على ردته، وإن ارتد وله ولد، لم يجز استرقاق ولده؛ لأنه محكوم بإسلامه بإسلام والده، فإذا بلغ، استتيب ثلاثًا، فإن تاب وإلا قتل. والحمل كالولد الظاهر؛ لأنه يحكم له بالإسلام، ولهذا نورثه من والده المسلم دون المرتد، وإن ولد للمرتد ولد بعد ردته من كافرة، جاز استرقاقه؛ لأنه كافر وُلِدَ بين كافرين، فجاز استرقاقه، كولد الحربيين، ونقل الفضل بن زياد عن أحمد في المرتد: إذا تزوج في دار الحرب، وولد له، ما يصنع بولده؟ قال: يردون إلى الإسلام، ويكونون عبيدًا للمسلمين، فظاهر هذا أنه لا يجوز إقرار ولده على الكفر، ولا يقبل منه إلا الإسلام، وإذا أسلم بعد سبيه رق؛ لأنه ولد من لا يُقر على كفره، فلا يقر على كفره، كوالده الذي كان موجودًا قبل ردته.
فصل
وما يتلفه المرتد مضمون عليه؛ لأنه التزم حكم الإسلام بإسلامه واعترافه به، فلا يسقط عنه بجحده، كمن جحد الدين بعد إقراره به، فإن لحق بدار الحرب، فقد روي عن أحمد: أنه إذا لحق بدار الحرب، فقتل أو سرق، قال: قد زال عنه الحكم؛ يعني: لا يؤخذ بجنايته، ثم توقف بعد ذلك، فيحتمل أن يضمن ما أتلفه لما ذكرناه، ويحتمل أن لا يضمن؛ لأنه ممتنع بكفره في دار الحرب فلم يضمن، كالكافر الأصلي.