فصل
ولا تصح الردة من المكره؛ لقول الله تعالى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] ، وإن لفظ بالكفر وهو أسير، فثبت أنه لفظ به وهو آمن كفر. وإن لم يثبت، لم يحكم بردته؛ لأنه في محل المخافة، وإن لفظ بها غير الأسير، حكم بردته، إلا أن يثبت إكراهه، ومن ثبت عليه أنه أكل لحم الخنزير، أو شرب خمرًا، لم يحكم بردته؛ لأنه قد يأكله معتقدًا تحريمه، والأفضل للمكره على كلمة الكفر ألا يقولها؛ لما روى خباب، عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إن كان الرجل ممن كان قبلكم يحفر له في الأرض، ثم يجاء بمنشار فيوضع على رأسه، ويشق باثنين ما يمنعه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم ما يصرفه ذلك عن دينه» .
فصل
والردة تحصل بجحد الشهادتين، أو إحداهما، أو سب الله تعالى، أو رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو قذف أم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو جحد كتاب الله تعالى، أو شيء منه، أو شيء من أنبيائه، أو كتاب من كتبه، أو فريضة ظاهرة مجمع عليها، كالعبادات الخمسة، أو استحلال محرم مشهور أجمع عليه: كالخمر، والخنزير، والميتة، والدم، والزنا ونحوه، فإن كان ذلك لجهل منه، لحداثة عهده بالإسلام، أو لإفاقة من جنون ونحوه لم يكفر، وعرف حكمه ودليله، فإن أصر عليه كفر؛ لأن أدلة هذه الأمور الظاهرة ظاهرة في كتاب الله وسنة رسوله، فلا يصدر إنكارها إلا من مكذب لكتاب الله وسنة رسوله.
فصل
ومن ارتد عن الإسلام، وجب قتله؛ لما روى ابن عباس: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من بدل دينه فاقتلوه» رواه البخاري. وعن عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسًا بغير نفس» .
فصل
وتقتل المرتدة للخبر، ولأنها بدلت دين الحق بالباطل، فتقتل كالرجل.
فصل
ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثًا يدعى فيها إلى الإسلام، وعنه: أنه يقتل من غير