فقلع القصيرة نقص من ديتها بقدر نقصها؛ لأنهما لا يختلفان عادة فإذا اختلفا، كانت القصيرة ناقصة فنقصت ديتها، كالإصبع الناقصة، وإن قلع سنًا مضطربة لكبر، أو مرض، وبعض نفعها باق، كملت ديتها، كاليد المريضة، ويد الكبير، وإن ذهب نفعها، فهي كاليد الشلاء، وإن جنى على سنه فاحمرت أو اصفرت، ففيها حكومة؛ لأن نفعها باق، وإنما ذهب جمالها، وإن اخضرت أو اسودت، ففيها روايتان:

إحداهما: فيها ديتها؛ لأنه يروى عن زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنه سود ما له دية، فوجبت ديته كالوجه.

والأخرى: فيها حكومة، اختارها القاضي؛ لأنه لم يذهب منها إلا الجمال، فأشبه ما لو حمرها، وإن نقصتها الجناية، ففيها حكومة لنقصها، وإن جنى على سنه، فأذهب نفعها كله، من المضغ وحفظ الريق والطعام، ففيها ديتها، كما لو أشل يده.

فصل

وإن قلع سن صبي لم يثغر، لم يلزمه شيء في الحال؛ لأن العادة عودها، فأشبه ما لو نتف شعره، فإن لم تنبت وأيس من نباتها، وجبت ديتها. قال أحمد: ينتظر عامًا؛ لأنه الغالب في نباتها. وقال القاضي: إذا أسقطت أخواتها ثم نبتن ولم تنبت، وجبت ديتها، فإن مات قبل اليأس منها، ففيه وجهان:

أحدهما: تجب ديتها؛ لأنه قلع سنًا لم تعد.

والثاني: لا يجب؛ لأن الظاهر عودها، وإنما فات بموته، فأشبه نتف شعره، وإن عادت لا نقص فيها، لم يجب شيء. وإن نبتت خارجة عن صف الأسنان لا ينتفع بها، ففيها ديتها. وإن كان ينتفع بها، ففيها حكومة للنقص، وإن نبتت قصيرة، ففيها من ديتها بقدر النقص؛ لأنه نقص حصل بجنايته، وإن نبتت أطول من نظيرتها أو حمر أو صفر، ففيها حكومة، للشين الحاصل بجنايته، ويحتمل أن لا يجب شيء لطولها؛ لأن الظاهر أن الزيادة لا تكون من الجناية، وإن نبتت سوداء، ففيها روايتان، ذكرهما القاضي:

إحداهما: فيها ديتها.

والثانية: فيها حكومة، كما لو جنى عليها فسودها، وهكذا الحكم فيمن قلع سن كبير، إلا أنه إذا مات قبل عودها، وجبت ديتها؛ لأن الظاهر أنها لا تعود، وتجب ديتها حين قلعها، إلا أن يقول عدلان من أهل الطب: إنه يرجى عودها إلى مدة، فينتظر إليها، وإن قلع سنًا فردها صاحبها، فنبتت في موضعها، لم تجب ديتها نص عليه، وهو اختيار أبي بكر، وإن قلعها آخر بعد ذلك، فعليه ديتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015