وقال القاضي: على الأول الدية، ويؤمر صاحبها بقلعها؛ لأنها صارت ميتة، ولا شيء على الثاني في قلعها؛ لأنه محسن به، وإن جعل مكانها سن حيوان مأكول أو ذهبًا، فثبت، فقلعه قالع، احتمل أن لا يلزمه شيء؛ لأنه ليس من بدنه، واحتمل أن يلزمه حكومة؛ لأنه أزال جماله ومنفعته، فأشبه عضوه.
فصل
وفي اللحيين الدية، وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان السفلى؛ لأن فيهما جمالًا كاملًا، ونفعًا كثيرًا، وفي أحدهما نصفها، وإن قلعهما مع الأسنان، وجبت ديتهما، ودية الأسنان؛ لأنهما جنسان مختلفان، يجب في كل واحد منهما دية مقدرة، فلم تدخل دية أحدهما في الآخر، كالشفتين مع الأسنان، بخلاف الكف مع الأصابع.
فصل
وفى اليدين الدية كاملة؛ لما روى معاذ: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «في اليدين الدية، وفي إحداهما نصفها» ، لأن في كتاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمرو بن حزم: «وفي اليد خمسون من الإبل» ولأن فيهما جمالًا ظاهرًا، ونفعًا كثيرًا، أشبها العينين، وسواء قطعهما من الكوع، أو المرفق، أو المنكب، أو مما بين ذلك، نص عليه؛ لأن اليد اسم للجميع، بدليل قَوْله تَعَالَى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] .
ولما نزلت آية التيمم، مسح الصحابة إلى المناكب، وفي كل إصبع عشر الدية؛ لما روى ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دية أصابع اليدين والرجلين عشر من الإبل لكل إصبع» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وفى لفظ قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هذه وهذه سواء يعني الإبهام والخنصر» أخرجه البخاري، ولأنه جنس ذو عدد، تجب فيه الدية، فلم يختلف باختلاف منافعه كاليدين، وفي كل أنملة ثلث دية الإصبع إلا الإبهام، فإنها مفصلان، ففي كل أنملة منها خمس من الإبل؛ لأنه لما قسمت دية اليد على عدد الأصابع، وجب أن تقسم دية الإصبع على عدد الأنامل، وإن جنى على اليد أو الإصبع فأشلها، فعليه ديتها؛ لأنه ذهب بنفعها، فلزمه ديتها، كما لو جنى على عين فأعماها، أو لسان فأخرسه.
فصل
وفي الرجلين الدية، وفي إحداهما نصفها، وفي كل إصبع عشر الدية، وفي كل أنملة ثلث عقلها إلا الإبهام، لما ذكرنا في اليدين.