فصل
وإن جنى على لسانه فذهب ذوقه، فلا يحس بشيء من المذاق، وهي خمس: الحلاوة، والمرارة، والحموضة، والعذوبة، والملوحة، وجبت الدية؛ لأنه أتلف حاسة لمنفعة مقصودة، فلزمته الدية كالبصر، وإن نقص الذوق نقصًا يتقدر بأن لا يدرك أحدها وحدها، ففيها الخمس، وفى الاثنين الخمسان، وفي الثلاثة ثلاثة أخماس؛ لأنه تقدر المتلف، فيتقدر الأرش كالأصابع، وإن لم يتقدر بأن يحس المذاق كلها، لكن لا يدركها على كمالها، وجبت الحكومة لتعذر التقدير، وإن أذهب ذوق الأخرس، فعليه الدية كذلك، وإن جنى على لسان ناطق، فأذهب كلامه وذوقه مع بقاء اللسان، فعليه ديتان؛ لأنهما منفعتان تضمن كل واحدة منهما منفردة، فيضمنان إذا اجتمعتا كالسمع والبصر، فإن قطع لسانه، لم يلزمه إلا دية واحدة؛ لأن نفع العضو لا يفرد بضمان مع ذهابه، كالبطش في اليد.
فصل
وفي كل سن خمس من الإبل، سواء قلعت دفعة واحدة أو في دفعات؛ لأن في كتاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لعمرو بن حزم: «وفي السن خمس من الإبل» رواه النسائي. وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «وفي الأسنان خمس» رواه أبو داود.
والأضراس والأنياب والرباعيات سواء؛ لما روى ابن عباس: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: «الأصابع سواء، والأسنان سواء، والثنية والضرس سواء، هذه وهذه سواء» رواه أبو داود. ولأنه جنس ذو عدد، فلم تختلف ديته باختلاف منافعه كالأصابع. وإن قلع السن بسنخها، أو كسر ما ظهر منها، وخرج من لحم اللثة، ففيها دية السن؛ لأن النفع والجمال فيما ظهر، فكملت الدية فيه كالإصبع، وإن قلع السنخ وحده ففيه حكومة، ككف لا أصابع له. وإن كسر بعض السن طولًا أو عرضًا، وجب من دية السن بقدر ما كسر بقدر الأجزاء من الظاهر كالأصابع، وإن ظهر السنخ المعيب بعلة، اعتبر بما كان ظاهرًا قبل العلة؛ لأن الدية تجب بما كان ظاهرًا، فاعتبر المكسور منه، وإن قلع سنًا فيها داء أو أكلة، ولم يذهب شيء من أجزائها، كملت ديتها، كاليد المريضة. وإن ذهب منهما جزء، سقط من ديتها بقدر الذاهب، وإن كانت إحدى ثنيتيه أقصر من الأخرى،