ويقسم على الحروف الثمانية والعشرين، ويحتمل أن يقسم على حروف اللسان، وهي ثمانية عشر حرفًا، يسقط منها حروف الحلق الستة؛ وهي: العين والغين، والحاء والخاء، والهاء والهمزة، وحروف الشفة وهي أربعة: الباء، والفاء، والميم، والواو، ولأن اللسان لا عمل له فيها، والأول أولى؛ لأن هذه الحروف ينطق بها اللسان أيضًا، بدليل أن الأخرس لا ينطق بشيء منها، وإن ذهب حرف فعجز عن كلمة، وجب أرش الحرف وحده؛ لأن الضمان وجب لما تلف، وإن صار ألثغ وجب دية الحرف الذاهب؛ لأنه عجز عن النطق بحرف، وإن حصل في كلامه ثقل، أو تمتمة، أو عجلة، لم تكن، ففيه حكومة لما حصل من النقص؛ لأنه لم يمكن إيجاب مقدر. وإن قطع جزءًا من لسانه فذهب جزء من كلامه وجب دية الأكثر، فإن قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام، أو نصف اللسان فذهب ربع الكلام وجب نصف الدية؛ لأن ما يتلف من كل واحد منهما مضمون، فوجبت دية أكثرهما، وإن قطع ربع اللسان، فذهب نصف الكلام، ثم قطع آخر بقيته، فعلى الأول نصف الدية، وعلى الثاني نصفها، وحكومة لربع اللسان؛ لأنه شل، فكانت فيه حكومة.
وإن قطع نصف اللسان، فذهب ربع الكلام، وقطع آخر باقيه، فعلى الثاني ثلاثة أرباع الدية؛ لأنه ذهب بثلاثة أرباع الكلام، ولو جنى عليه، فذهب ثلاث أرباع كلامه من غير قطع، وجب ثلاثة أرباع الدية، فمع قطع نصفه أولى، وإن جنى على لسانه فاقتص مثل جنايته، فذهب من الجاني مثل ما ذهب من المجني عليه، فقد استوفى حقه، وإن ذهب من الجاني أكثر، فكذلك؛ لأن الزائد ذهب من سراية القود، وإن ذهب من كلام المجني عليه أكثر، أخذ من الجاني بقدر ما نقص عنه الجاني من الدية؛ ليحصل تمام حقه، وإن كان لسان رجل ذا طرفين، فقطع أحدهما ولم يذهب من الكلام شيء، وكانا متساويين في الخلقة، فهما كلسان مشقوق، فيهما الدية، وفي أحدهما نصفها، وإن كان أحدهما تام الخلقة، والآخر ناقصًا، فالتام هو الأصلي فيه الدية كاملة، والناقص زائد فيه حكومة.
فصل
وإن قطع لسان طفل يتحرك بالبكاء، وبما يعبر به الأطفال، كقوله: بابا ونحوه، ففيه الدية؛ لأنه لسان ناطق، وإن كان لا يتحرك بشيء، وقد بلغ حدًا يتحرك به، ففيه ما في لسان الأخرس؛ لأن الظاهر أنه لو كان ناطقًا لتحرك بما يدل عليه، فإن قطع قبل مضي زمن يتحرك فيه اللسان، ففيه الدية؛ لأن الظاهر السلامة، فضمن كما تضمن أطرافه، وإن لم يظهر فيها بطش.