فدخل إنسان بغير إذنه، فهلك بها، أو عقره الكلب لم يضمنه؛ لأن التفريط من الداخل، وإن دخل بإذنه والبئر مكشوفة في موضع يراها الداخل لم يضمنه، وإن كانت مغطاة، أو في ظلمة، أو الداخل ضريرًا ضمنه؛ لأنه فرط في ترك إعلامه، وإن وضع حجرًا في ملكه، وحفر آخر بئرًا في الطريق، فتعثر بالحجر، فوقع في البئر، فالضمان على الحافر؛ لأن العدوان منه، فكان الضمان عليه، والواضع في ملكه لا عدوان منه فلم يضمن، وإن وضع جرة على سطحه، فألقتها الريح على شيء فأتلفته لم يضمنه؛ لأنه غير متعد بالوضع، ولا صنع له في إلقائها.
فصل:
وإن بنى حائطًا مائلًا إلى الطريق، أو إلى ملك غيره، فسقط على شيء أتلفه ضمنه؛ لأنه تلف بسببٍ تعدى به، وإن بناه في ملكه مستويًا، فمال إلى الطريق، أو إلى ملك غيره، فأمره المالك بنقضه، أو أمره مسلم أو ذمي بنقص المائل إلى الطريق، وأمكنه ذلك فلم يفعل، ضمن ما تلف به أحد الوجهين؛ لأن ذلك يضر المالك والمارة، فكان لهم المطالبة بإزالته، فإذا لم يزله ضمن، كما لو بناه مائلًا. والثاني: لا يضمن؛ لأنه وضعه في ملكه، وسقط بغير فعله، فأشبه الجرة التي ألقتها الريح، ويحتمل أن يضمن، وإن لم يطالب بنقضه؛ لأن بقائه مائلًا يضر، فلزمه إزالته وإن لم يطالب به، كالذي بناه مائلا. وإن لم يمكنه نقضه لم يضمن؛ لأنه غير مفرط. وإن أخرج جناحًا، أو ميزابًا إلى الطريق، فوقع على إنسان ضمنه؛ لأنه تلف بسبب تعدى به. فأشبه ما لو بنى حائط مائلًا.
فصل:
وإذا رمى إلى هدف، فمر صبي فأصابه السهم، فقتله أو مرت بهيمة فأصابها، ضمن ذلك؛ لأنه أتلفه وإن قدم إنسانٌ الصبيَ، أو البهيمةَ إلى الهدف فأصابهما السهم، فالضمان على من قدّمهما؛ لأن الرامي كالحافر، والآخر كالدافع. وإن أمر من لا يميز أن ينزل بئرًا، أو يصعد نخلة، فهلك بذلك ضمنه؛ لأنه تسبب إلى إتلافه. وإن أمر من يميز بذلك فهلك به لم يضمنه؛ لأنه يفعل ذلك باختياره. فإن كان الآمر السلطان، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يضمنه كذلك.