والثاني: يضمنه؛ لأن عليه طاعة السلطان، فأشبه ما لو أكرهه على فعله، وإن غصب صبيًا، فأصابته عنده صاعقة، أو نهشته حية ضمنه؛ لأنه تلف في يده العادية.

وإن مرض فمات، ففيه وجهان:

أحدهما: يضمنه كذلك، فأشبه العبد الصغير.

والثاني: لا يضمنه؛ لأنه حر لا تثبت اليد عليه في الغصب، فأشبه الكبير، وإن أدب المعلم صبيانه، أو الرجل ولده أو زوجته، أو السلطان رعيته، الأدب المأمور به، لم يضمن ما تلف به؛ لأنه أدب مأمور به، فلم يضمن ما تلف به كالحد، ويحتمل أن يضمن، كما لو أرسل إلى امرأة ليحضرها، فأجهضت جنينها.

فصل:

وما أتلفت الدابة بيدها أو فمها، ضمنه راكبها وقائدها وسائقها، وما أتلفت برجلها أو ذنبها لم يضمنه؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «الرِّجْل جُبَار» رواه سعيد. فمفهومه أن جناية اليد مضمونة، والفم في معناها؛ ولأن اليد يمكن حفظها، فضمن ما تلف بها، بخلاف الرِّجل، وعنه: في السائق أنه يضمن جناية الرجل والذنب؛ لأنه يشاهدهما، فأشبه اليد في حق القائد، وإن بالت في الطريق، ضمن ما تلف به؛ لأنه كما لو صبه فيها، ويحتمل أن لا يضمن في هذا؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، أشبه جناية الرجل، وإن كان على دابة راكبان، فالضمان على الأول منهما؛ لأنه المتصرف فيها، وإن كان لها قائد وسائق اشتركا في الضمان؛ لاشتراكهما في تمشيتها، وإن كان معهما راكب، فالضمان بينهم أثلاثًا كذلك، ويحتمل أن يختص به الراكب؛ لأنه أقوى منهما يدًا، والجمل المقطور إلى جمل عليه راكب، كالذي في يده؛ لأن يده عليه، وليس عليه ضمان ما جنى ولد البهيمة؛ لأنه لا يمكنه حفظه، وكذلك ما جنت الدابة، إذا لم يكن عليها يد، لم يضمن مالكها كذلك.

فصل:

وإذا اصطدم نفسان فماتا، فعلى عاقلة كل واحد منهما دية صاحبه؛ لأن كل واحد منهما مات من صدمة صاحبه، وإنما هو قرّب نفسه إلى محل الجناية عن غير قصد، وإن ماتت دابتاهما، ضمن كل واحد منهما قيمة دابة الآخر، وإذا كان أحدهما يسير والآخر واقفًا، فعلى السائر دية الواقف وضمان دابته؛ لأنه قتلهما بصدمته، ولا ضمان على الواقف؛ لأنه لا فعل منه، إلا أن يقف في طريق ضيق، فيكون الضمان عليه؛ لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015