بعضهم: أن ليس عليك شيء، إنما أنت مؤدب، فصمت علي، فأقبل عليه عمر، فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطئوا رأيهم، وإن كانوا قالوا في هواك، فلم ينصحوا لك، إن ديته عليك؛ لأنك أفزعتها، فألقت.
وإن هلكت المرأة بسبب وضعها ضمنها أيضًا؛ لأنه سبب لإتلافها، وإن فزعت فماتت، لم يضمنها؛ لأنه ليس بسبب لهلاكها غالبًا، ويحتمل أن يلزمه ضمانها؛ لأنها هلكت بفعله فضمنها، كما لو ضربها سوطًا فماتت، وإن زنى بامرأة مكرها فأحبلها، فماتت من الولادة ضمنها؛ لأنها ماتت بسببٍ تعدى به.
فصل:
وإن رمى إنسانًا من علو، فتلقاه آخر بسيف، فقتله، فالضمان على القاتل؛ لأنه مباشر، والملقي متسبب، فكان الضمان على المباشر، كالحافر والدافع.
فصل
وإن حفر بئرًا في الطريق، أو وضع حجرًا أو حديدة، أو قشر بطيخ أو ماء، فهلك به إنسان ضمنه؛ لأنه تعدى به، ولزمه ضمان ما هلك به، كما لو جنى عليه، فإن دفعه آخر في البئر أو على الحجر أو الحديدة، فالضمان على الدافع؛ لأنه مباشر، والآخر صاحب سبب، وإن حفر بئرًا، أو نصب حديدة، ووضع آخر حجرًا، فعثر بالحجر، فوقع في البئر، أو على الحديدة فمات، فالضمان على واضع الحجر؛ لأنه الذي ألقاه، فأشبه ما لو ألقاه بيده.
فصل
ومن حفر بئرًا في طريق لنفسه، ضمن ما هلك بها؛ لأنه ليس له أن يختص بشيء من طريق المسلمين، وكذلك إن حفرها في ملك غيره بغير إذنه؛ لأنه متعد بحفرها، وإن حفرها في الطريق لمصلحة المسلمين، وكانت في طريق ضيق، ضمن ما تلف بها؛ لأنه ليس له ذلك، وإن كانت في طريق واسع لم يضمن؛ لأنه لم يتعد بها، فلم يضمن ما تلف بها، كما لو أذن فيها الإمام.
وعنه: إن حفرها بغير إذن الإمام ضمن؛ لأن ما يتعلق بمصلحة المسلمين يختص الإمام بالنظر فيه، فمن افتأت عليه، كان متعديًا به، فضمن ما هلك به، وإن بنى مسجدًا في موضع لا ضرر فيه، أو علق قنديلًا في مسجد، أو بابًا، أو فرش فيه حصيرًا، لم يضمن ما تلف به؛ لأن هذا من المصالح التي يشق استئذان الإمام فيها، فملك فعله بغير إذنه، كإنكار المنكر، وذكر القاضي: أنه كحفر البئر في الطريق، وإن حفر بئرًا في موات لينتفع بها، أو لينتفع بها المسلمون، أو ليتملكه، لم يضمن ما تلف بها؛ لأنه غير متعد بحفرها، وإن كان في داره بئر، أو كلب عقور،