واحدة، وقال ابن أبي موسى: إذا قلنا: له أن يقتص من جميعهم، ففيه روايتان:

أظهرهما: أن على كل واحد دية كاملة، بدلًا عن نفسه.

والثانية: تجب دية واحدة، وهذا أصح؛ لأن الدية بدل المحل، فلا يختلف بكثرة المتلفين وقلتهم، كبدل المال، وإن أراد الولي أن يقتص من بعضهم، ويعفو عن البعض، ويأخذ الدية من الباقين فله ذلك، ويأخذ منهم حصتهم من الدية، لما ذكرنا، والمكرِه والمكرَه مشتركان في القتل، حكمهما ما ذكرنا، وكذلك حكم الشاهدين إذا رجعا عن الشهادة؛ لما ذكرناه من حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ومن المعنى فيه.

فصل:

وإن طرح إنسانًا في ماء يسير، يمكنه التخلص منه، فأقام فيه قصدًا حتى هلك، لم يجب ضمانه؛ لأن طرحه لم يهلكه، وإنما هلك بإقامته، فكان هو المهلك لنفسه، وإن طرحه في نار يمكنه الخلاص منها، فلم يفعل حتى هلك، ففيه وجهان:

أحدهما: لا يضمنه كذلك.

والثاني: يضمنه؛ لأن تركه التخلص لا يُسقط ضمان الجناية، كما لو جرحه، فترك مداواة نفسه حتى هلك به وفارق الماء؛ لأن الناس يدخلونه للسباحة وغيرها.

وإن شده في موضع، فهلك بزيادة الماء ضمنه. فإن كانت الزيادة معلومة، كمد البصرة، فهو عمد محض، وإن كانت تحتمل ويحتمل، فهو شبه عمد، وإن كانت نادرة فهو خطأ، وإن ألقاه في ماء يسير، فالتقمه حوت، فهو خطأ محض، وإن كان الماء كثيرًا، فهو شبه عمد، وإن ألقاه مكتوفًا فأكله سبع، فهو شبه عمد؛ لأنه عمد إلى فعل لا يهلك به غالبًا فهلك به، أشبه ما لو وكزه.

فصل:

وإن صاح بصبي، أو تغفل غافلًا فصاح به، فسقط عن شيء هلك به ضمنه؛ لأنه هلك بسببه، فإن قصده بالصياح، فهو شبه عمد، وإن لم يقصده فهو خطأ، وإن كان العاقل متيقظًا لم يضمنه؛ لأن ذلك لا يقتله، وإن اتبع إنسانًا بسيف، فوقع في شيء هلك به ضمنه؛ لأنه تسبب إلى إهلاكه، وكذلك إن طرده إلى موضع؛ فأكله به سبع.

فصل

وإن بعث السلطان إلى امرأة ليحضرها، ففزعت فألقت جنينًا ميتًا وجب ضمانه؛ لما روي: أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أرسل إلى امرأة مغيبة كان يُدْخَل عليها، فقالت: يا ويلها، ما لها ولعمر؟ ! فبينا هي في الطريق إذ فزعت، فضربها الطلق، فألقت ولدًا، فصاح الصبي صيحتين؛ ثم مات، فاستشار عمر أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأشار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015