فصل:

ويصح عفو المفلس والسفيه عن القصاص؛ لأن الحجر عليهما في المال، وليس هذا بمال. فإن عفوا إلى مال، ثبت. وإن عفوا إلى غير مال، وقلنا: الواجب أحد شيئين، ثبت المال؛ لأنه واجب، وليس لهما إسقاط المال، وإن قلنا: الواجب القصاص عينًا، صح عفوهما؛ لأنه لم يجب إلا القصاص وقد أسقطاه.

فصل:

وإن وجب القصاص لصغير، فليس لوليه العفو على غير مال؛ لأنه تصرف لا حظ للصغير فيه. وإن عفا على مال، وللصغير كفاية من ماله، أو له من ينفق عليه، لم يصح عفوه؛ لأنه يسقط القصاص من غير حاجة. وإن لم يكن له ذلك، صح عفوه؛ لأن للصغير حاجة إليه، لحفظ حياته، ويحتمل أن لا يصح؛ لأن نفقته في بيت المال. وإن قُتل من لا ولي له، فالأمر إلى السلطان، إن رأى قتل، وإن رأى عفا على مال؛ لأن الحق للمسلمين فكان على الإمام فعل ما يرى المصلحة فيه. وإن أراد أن يعفو على غير مال، لم يجز لأنه لا حظ للمسلمين فيه. ويحتمل جواز العفو على غير مال؛ لأنه روي عن عثمان أنه عفا عن عبيد الله بن عمر لما قتل الهرمزان، ولم ينكره أحد من الصحابة، ولأنه ولي الدم، فجاز له العفو على غير مال، كسائر الأولياء.

فصل:

وإذا وكل من يستوفي له القصاص، ثم عفا عنه، ثم قتله الوكيل قبل علمه بالعفو، ففيه وجهان:

أحدهما: لا يصح العفو؛ لأنه عفا في حال لا يمكن تلافي ما وكل فيه، فلم يصح، كالعفو بعد رمي الحربة إلى الجاني.

والثاني: يصح؛ لأنه حق له، فصح عفوه عنه بغير علم الوكيل، كالدين، ولا قصاص على الوكيل؛ لأنه جهل تحريم القتل، وعليه الدية؛ لأنه قتل معصومًا، ويرجع بها على العافي في أحد الوجهين؛ لأنه غره، فرجع عليه بما غرم، كالمغرور بحرية الأمة.

والثاني: لا يرجع عليه؛ لأنه محسن بالعفو، بخلاف الغارّ بالحرية.

فصل:

وإذا جنى عليه جناية، توجب القصاص فيما دون النفس، فعفا عنها، ثم سرت إلى نفسه، فلا قصاص فيها؛ لأن القصاص لا يتبعض، وقد سقط في البعض، فسقط في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015