الكل. وإن كانت الجناية لا توجب القصاص، كالجائفة، وجب القصاص في النفس؛ لأنه عفا عن القصاص فيما لا قصاص فيه، فلم يؤثر العفو. وإن كان عفوه على مال، فله الدية كاملة في الموضعين. وإن عفا عن دية الجرح، صح عفوه؛ لأن ديته تجب بالجناية، بدليل أنه لو جنى على طرف عبد، فباعه سيده، ثم برأ، كان أرش الجناية للبائع دون المشتري، وإنما تتأخر المطالبة به، كالدين المؤجل، فعلى هذا تجب له دية النفس إلا دية الجرح. وقال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنه لا يجب شيء؛ لأن القطع غير مضمون، فكذلك سرايته. والأول أولى؛ لأن القطع موجب، وإنما سقط الوجوب بالعفو، فيختص السقوط بمحل العفو. وإن قال: عفوت عن الجناية وما يحدث منها، صح عفوه، ولا قصاص في سرايتها ولا دية؛ لأنه إسقاط للحق بعد انعقاد سببه، فصح، كالعفو عن الشفعة بعد البيع. ولا يعتبر خروج ذلك من الثلث. نص عليه؛ لأن الواجب القصاص عينًا، أو أحد شيئين، فما تعين إسقاط أحدهما. وعنه: أنه إن مات من سرايتها، لم يصح العفو؛ لأنها وصية لقاتل، وعنه: تصح وتعتبر من الثلث.
فصل:
وإن قطع إصبعًا، فعفا عنها، ثم سرى إلى الكف، ثم اندمل، فالحكم فيه على ما فصلناه في سرايته إلى النفس. فإن قال الجاني: عفوت عن الجناية وما يحدث منها، فأنكر الولي العفو عن سرايتها، فالقول قوله؛ لأنه منكر، والأصل معه.
فصل:
وإن قطع يده، فعفا عن القصاص، وأخذ نصف الدية، فعاد الجاني فقتله، فلوليه القصاص في النفس؛ لأن القتل انفرد عن القطع، فوجب القصاص فيه، كما لو قتله غير القاطع. فإن اختار الدية، فقال أبو الخطاب: له الدية كلها؛ لأن القتل منفرد عن القطع، فلم يدخل حكمه في حكمه، كما لو كان القاطع غيره، ولأن من ملك القصاص في النفس، ملك العفو عن الدية كلها، كسائر أولياء المقتولين. وقال القاضي: له نصف الدية؛ لأن القتل إذا تعقب الجناية قبل برئها، كان بمنزلة سرايتها، ولو سرى القطع، لم يجب إلا نصف الدية، كذا هاهنا.
فصل:
إذا قطع يد إنسان، فسرى إلى نفسه، فاقتص وليه في اليد، ثم عفا عن النفس على غير مال، جاز، ولا شيء عليه، سواء سرى القطع، أو وقف؛ لأن العفو يرجع إلى ما بقي، دون ما استوفي، فأشبه ما لو قبض بعض ديته، ثم أبرأه من باقيها، وإن عفا على مال، فوجب له نصف الدية؛ لأنه أخذ ما يساوي نصف الدية. وإن قطع يدي