الاستيفاء؛ لأنه حق مشترك بينهما، فلم يجز لأحدهما الانفراد باستيفائه، كما لو كان بين بالغين عاقلين، وإن قتل من لا وارث له، فالقصاص للمسلمين؛ لأنهم يرثون ماله، واستيفاؤه إلى السلطان. فإن كان له من يرث بعضه، كزوج، أو زوجة، فاستيفاؤه إلى الوارث والسلطان، ليس لأحدهما الانفراد به، لما ذكرنا.

فصل:

فإن بادر بعض الورثة، فقتل القاتل بغير أمر صاحبه، فلا قصاص عليه؛ لأنه مشارك في استحقاق ما استوفاه، فلم تلزمه عقوبته، كما لو وطئ أحد الشريكين الجارية المشتركة، ويجب لشركائه حقهم من الدية، وفيه وجهان:

أحدهما: يجب على القاتل. الثاني لأن نفس القاتل كانت مستحقة لهما، فإذا أتلفها أحدهما، لزمه ضمان حق الآخر، كالوديعة لهما يتلفها أحدهما.

والثاني: يجب في تركة القاتل الأول؛ لأنه قود سقط إلى مال، فوجب في تركة القاتل، كما لو قتله أجنبي، ويرجع ورثة القاتل الأول على قاتل موروثهم بدية، ماعدا نصيبه من موروثهم. فلو قتلت امرأة رجلًا له ابنان، فقتلها أحدهما، كان للآخر في تركتها نصف دية أبيه، ويرجع ورثتها على قاتلها بنصف ديتها. وإن عفا بعض من له القصاص ثم قتله الآخر غير عالم بالعفو، أو غير عالم أن العفو يسقط القصاص، لم يجب عليه قصاص؛ لأن ذلك شبهة، فدرأت القصاص، كالوكيل إذا قتله بعد العفو، وقبل العلم، وإن قتله بعد العلم، فعليه القصاص؛ لأنه قتل معصومًا مكافئًا له لا حق له فيه، فوجب عليه القصاص، كما لو حكم بالعفو حاكم. فإن اقتصوا منه، فلورثته عليهم نصيبه من الدية، وإن اختاروا الدية، سقط عنه من الدية ما قابل حقه، ولزمه باقيها، وإن كان عفو شريكه على الدية، فله نصيبه منها، في تركة القاتل؛ لأنه حقه، انتقل من القصاص إلى ذمة القاتل في حياته، فأشبه الدين، بخلاف التي قبلها.

فصل:

ولا يجوز استيفاء القصاص إلا بحضرة السلطان؛ لأنه يفتقر إلى اجتهاد، ولا يؤمن منه الحيف مع قصد التشفي، فإن استوفاه من غير حضرة سلطان، وقع الموقع؛ لأنه استوفى حقه، ويعزر لافتئاته على السلطان. ويستحب أن يكون بحضرة شاهدين، لئلا ينكر المقتص الاستيفاء. وعلى السلطان أن يتفقد الآلة التي يستوفى بها. فإن كانت كالة، أو مسمومة، منعه الاستيفاء بها، لما روى شداد بن أوس: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» رواه مسلم وأبو داود ولأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015