إسقاط القصاص، ولا يوجد ذلك في الأطراف، لندرة الحالة التي يمكن إيجاب القصاص بها.
فصل:
والقصاص فيما دون النفس نوعان: جروح، وأطراف. فأما الجروح: فيجب القصاص في كل جرح ينتهي إلى عظم. سواء كان موضحة في رأس، أو وجه، أو ساعد، أو عضد، أو فخذ، أو ساق، أو ضلع، أو غيره، لقول الله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] ولأنه أمكن الاقتصاص من غير حيف، فوجب كما في الطرف. وما لا ينتهي إلى عظم، كالجائفة، وما دون الموضحة من الشجاج، أو كانت الجناية على عظم، ككسر الساعد، والعضد، والهاشمة، والمنقلة، والمأمومة، لم يجب القصاص؛ لأن المماثلة غير ممكنة، ولا يؤمن أن يستوفى أكثر من الحق، فسقط، إلا إذا كانت الشجة فوق الموضحة، فله أن يقتص موضحة؛ لأنها بعض جنايته، وقد أمكن القصاص، فوجب، كما لو كانت جناية في محلين. وفي وجوب الأرش الباقي وجهان:
أحدهما: يجب، وهو قول ابن حامد؛ لأنه تعذر فيه القصاص فوجب الأرش، كما لو تعذر في جميعها.
والثاني: لا يجب. وهو اختيار أبي بكر؛ لأنه جرح واحد، فلا يجمع فيه بين قصاص وأرش. كالشلاء بالصحيحة.
فصل:
ويجب في الموضحة، قدرها طولًا وعرضًا، لقول الله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] والقصاص: المماثلة. ولا يمكن في الموضحة إلا بالمساحة، فإن كانت في الرأس، حلق موضعها من رأس الجانب، وعلم القدر المستحق بسواد، أو غيره، ثم اقتص. فإن كانت في مقدم الرأس، أو مؤخره، أو وسطه، فأمكن أن يستوفي قدرها من موضعها، لم يجز غيره. وإن زاد قدرها على موضعها من رأس الجاني. استوفي بقدرها وإن جاوز الموضع الذي شجه في مثله؛ لأن الجميع رأس. وإن زاد قدرها على رأس الجاني كله، لم يجز أن ينزل إلى الوجه، ولا القفا؛ لأنه قصاص في غير العضو المجني عليه، فيقتص في رأس الجاني كله. وهل له الأرش لما بقي؟ على وجهين، كما تقدم. وإن كانت الموضحة في الساعد، وزاد قدرها على ساعد الجاني، لم ينزل إلى الكف، ولم يصعد إلى العضد. وإن كانت في الساق، لم ينزل إلى القدم، ولم