يصعد إلى الفخذ، كما ذكرنا في الرأس. وإن أوضح جميع رأسه ورأس الجاني أكبر، فللمجني عليه أن يبتدئ بالقصاص من أي جانب شاء من رأس الجاني؛ لأن الجميع محل الجناية. وله أن يستوفي بعض حقه من مقدم الرأس، وبعضه من مؤخره، إلا أن يكون في ذلك زيادة ضرر أو شين، فيمنع لذلك؛ لأنه لم يجاوز موضع الجناية، ولا قدرها، ويحتمل أن لا يجوز؛ لأنه يأخذ موضحتين بموضحة. وإن أوضحه موضحتين، قدرهما جميع رأس الجاني، فللمجني عليه الخيار، بين أن يوضحه في جميع رأسه موضحة واحدة، وبين أن يوضحه موضحتين يقتص فيهما على قدر الواجب له، ولا أرش له في الباقي وجهًا واحدًا؛ لأنه يترك الاستيفاء مع إمكانه.

فصل:

النوع الثاني: الأطراف. ويجب القصاص فيها، إذا كان القطع ينتهي إلى عظم، فتقلع العين بالعين، لقول الله تعالى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45] . ولأنه يمكن القصاص فيها؛ لانتهائها إلى مفصل، فوجب، كالموضحة. وتؤخذ عين الشاب الصحيحة الحسناء بعين الشيخ المريضة الرمصاء، كما يؤخذ الشاب الصحيح الجميل بالشيخ المريض. ولا تؤخذ صحيحة بقائمة؛ لأنه يأخذ أكثر من حقه. ويجوز أن يأخذ القائمة بالصحيحة؛ لأنها دون حقه، كالشلاء بالصحيحة. ولا أرش له معها؛ لأن التفاوت في الصفة. وإن جنى على رأسه بلطمة، فأذهب ضوء عينيه، وجب القصاص؛ لأن الضوء لا يمكن مباشرته بالجناية، فوجب القصاص فيه بالسراية، كالنفس، فإن كانت اللطمة لا تفضي إلى تلف العين غالبًا، فلا قصاص فيه؛ لأنه شبه عمد، أشبه ما لو قتله.

فصل:

وإن قلع الأعور عين مثله عمدًا ففيه القصاص، لتساويهما. وإن قلع عين صحيح، فلا قصاص عليه. وعليه دية كاملة؛ لأن ذلك يروى عن عمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ولأنه لم يذهب بجميع بصره، فلم يجز أن يذهب بجميع بصره، كما لو كان ذا عينين. ويجب جميع الدية؛ لأنه لما درئ عنه القصاص لفضيلته، ضوعفت الدية عليه، كالمسلم إذا قتل الذمي عمدًا. وإن قلع عيني صحيح، خير بين قلع عينه، ولا شيء له سواه؛ لأنه أخذ جميع بصره لجميعه، وبين دية عينيه؛ لأن القصاص لم يتعذر. وإن قلع صحيح عين الأعور فله الاقتصاص من مثلها، ويأخذ نصف الدية. نص عليه؛ لأن عينه كعينين، لاشتمالها على جميع البصر، وقيامها مقام العينين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015