الرابع: الحاكم إذا حكم عليه بما يوجب قتله ظلمًا متعمدًا، فقتل، فعليه القصاص لذلك، وكذلك الولي الذي أمر بقتله، إذا أقر أنه علم براءته وأمر بقتله ظلمًا.
يجب القصاص فيما دون النفس بالإجماع لقول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] . وروى أنس أن «الربيع بنت النضر كسرت ثنية جارية، فعرضوا عليهم الأرش، فأبوا إلا القصاص، فجاء أخوها أنس بن النضر فقال: يا رسول الله. تكسر ثنية الربيع؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كتاب الله القصاص. فعفا القوم، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره» أخرجه البخاري ومسلم ولأن ما دون النفس، كالنفس في الحاجة إلى الحفظ، فكان، كالنفس في القصاص.
فصل:
ومن لا يقاد بغيره في النفس، لا يقاد به فيما دونها بغير خلاف، ومن يقاد به في النفس يقاد به فيما دونها. وعنه: لا قصاص بين العبيد في الأطراف؛ لأنها أموال. والمذهب: الأول لأن ما دون النفس كالنفس في وجوب القصاص، فكان كالنفس فيما ذكرنا.
فصل:
وإن اشترك جماعة في إبانة عضو دفعة واحدة، مثل أن يتحاملوا على الحديدة تحاملًا واحدًا حتى يبينوا يده، فعلى جميعهم القصاص، لحديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنه أحد نوعي القصاص، فيؤخذ فيه الجماعة بالواحد، كالنفس. وإن تفرقت جناياتهم، بأن قطع كل واحد من جانب، أو قطع واحد، وأتمه آخر، أو قطعا بمنشار يمده كل واحد مرة، فلا قصاص؛ لأن فعل كل واحد في بعض العضو، فلم يجز أخذ جميع عضوه، كما لو لم يقطع الآخر. وعنه: لا يؤخذ طرف الجماعة بواحد، كما ذكرنا في النفوس ولأن ذلك مما يجب في النفوس للزجر كي لا يتخذ الاشتراك وسيلة إلى