أظهرهما: أنه يجب القصاص على المكافئ؛ لأنه شارك في القتل العمد العدوان، فوجب عليه القصاص، كشريك المكافئ.
والثانية: لا يجب؛ لأنه قتل تركب من موجب وغير موجب، فلا يوجب، كما لو كان شريكه خاطئًا.
القسم الثالث: أن يقتلا مكافئًا وأحدهما عامد، والآخر خاطئ، ففيه روايتان:
أظهرهما: لا قصاص فيه؛ لأنه قتل لم يتمخض عمدًا، فلم يوجب القصاص، كعمد الخطأ، وكما لو قتله بجرحين عمد وخطأ.
والثانية: يجب القصاص على العامد؛ لأنه شارك في القتل عمدًا عدوانًا، فوجب عليه القصاص كشريك العامد. والحكم في شريك الصبي والمجنون، كالحكم في شريك الخاطئ؛ لأن عمدهما خطأ.
القسم الرابع: شارك سبعًا، أو إنسانًا، في قتل نفسه، مثل أن يجرح رجلًا عمدًا أو يجرح الرجل نفسه عمدًا، ففيه وجهان:
أحدهما: يجب القصاص لذلك.
والآخر: لا يجب القصاص؛ لأنه إذا لم يجب على شريك الخاطئ وجنايته مضمونة، فهاهنا أولى. وإن جرحه فتداوى بسم غير موح، إلا أنه يقتل غالبًا، أو خاط لحم جرحه في لحم حي، أو خاف التآكل، فقطعه فمات، أو فعل هذا وليه، ففيه وجهان:
أحدهما: الحكم في شريكه، كالحكم فيما لو جرح نفسه عمدًا؛ لأنه عمد هذا الفعل.
والثاني: أنه كشريك الخاطئ؛ لأنه لم يقصد الجناية على نفسه، إنما قصد المداواة، فكان فعله عمدًا خطأً، فلم يجب القصاص على شريكه.
فصل:
وإن جرح رجلًا جرحًا، وجرح آخر مائة، فهما سواء؛ لأنه قد يموت من الواحد، ولا يموت من المائة، ولا يمكن إضافة القتل إلى أحدهما بعينه، ولا الإسقاط، فوجب على الجميع. وإن قطع أحدهما من الكوع، والآخر من المرفق، فهما سواء؛ لأنهما جرحان، حصل الزهوق عقيبهما، فأشبه ما لو كانا في يدين. وإن قطع أحدهما يده، ثم ذبحه الآخر، أو شق بطنه وأبان حشوته، فعلى الأول ما على قاطع اليد منفردة.