والثاني: هو القاتل؛ لأنه قطع سراية القطع، فصار، كما لو اندمل القطع، ثم قتله. وإن كان قطع اليد آخر فالأول القاتل، ولا ضمان على قاطع اليد؛ لأنه صار في حكم الميت، إنما يتحرك حركة المذبوح، ولا حكم لكلامه في وصيته، ولا غيرها. وإن أجافه جائفة، يتحقق الموت منها، إلا أن الحياة فيه مستقرة، ثم ذبحه آخر، فالقاتل هو الثاني؛ لأن حكم الحياة باق، ولهذا أوصى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعدما سقي اللبن فخرج من جرحه، وأيس منه فعمل بوصيته، فأشبه المريض المأيوس منه. وإن ألقى رجلًا من شاهق، فتلقاه آخر بسيف، فقده قبل وقوعه، فالقصاص على من قده؛ لأنه مباشر للإتلاف، فانقطع حكم المتسبب، كالحافر مع الدافع.
وهي تسعة أقسام: أحدها: أن يجرحه بمحدد يقطع اللحم والجلد، كالسيف، والسكين، والسنان، والقدوم، وما حدد من حجر، أو خشب، أو قصب، أو زجاج، أو غيره، أو بما له مور وغور، كالمسلة والسهم، والقصبة المحددة، فيموت به فهذا موجب للقصاص إجماعًا. وإن غرزه بإبرة في مقتل، كالصدر، والفؤاد، والخاصرة، والعين، وأصل الأذن فمات، وجب القود؛ لأن هذا في المقتل، كغيره في غيره. وإن غرزه في غير مقتل، كالألية والفخذ، فبقي منه ضمانًا، حتى مات، وجب القود؛ لأن الظاهر موته به. وإن مات في الحال، ففيه وجهان:
أحدهما: لا قود فيه؛ لأنه لا يقتل غالبًا أشبه ما لو ضربه بعصاة.
والثاني: فيه القود؛ لأن له مورًا وسراية في البدن. وفي البدن مقاتل خفية، أشبه ما لو غرزه في مقتل.
فصل:
القسم الثاني: ضربه بمثقل كبير، يقتل مثله غالبًا، سواء كان من حديد أو خشب أو حجر، أو ألقى عليه حائطًا، أو حجرًا كبيرًا، أو رض رأسه بحجر، فعليه القود، لما روى أنس: «أن يهوديًا قتل جارية، على أوضاح لها بحجر، فقتله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين حجرين» ، متفق عليه وفي مسلم: «فأقاده» ولأنه يقتل غالبًا، أشبه المحدد. وإن ضربه بقلم، أو إصبع، أو شبههما، أو مسه بكبير مسًا، فلا قود فيه؛ لأنه لم يقتله. وإن كان مما لا يحتمل الموت به، كالعصا والوكزة بيده، فكان في مقتل، أو مرض أو صغر، أو شدة برد، أو حر أو وإلى الضرب به، أو عصر خصيتيه عصرًا شديدًا، بحيث يقتل