جميعًا عن الدعوة، لم يقبل رجوعهما؛ لأن النسب حق للولد، وقد ثبت بإقرارهما، فلم يقبل رجوعهما عنه، كما لو أقرا له بمال، بخلاف ما لو رجع أحدهما منفردًا، فإن نسب الولد لا ينقطع برجوعه وحده. وإن اشترك اثنان في وطء امرأة، فأتت بولد يمكن أن يكون منهما، فقتلاه قبل لحوقه بأحدهما، فلا قصاص، ولو أنكر أحدهما النسب؛ لأن النسب لا ينقطع عنه بإنكاره، بخلاف التي قبلها. وإن قتل زوجته، ولها منه ولد، لم يجب القصاص؛ لأنه إذا لم يجب عليه بجنايته عليه، لم يجب بجنايته على غيره. وسواء كان لها ولد من غيره، أو لم يكن؛ لأن القصاص لا يتبعض، فإذا سقط نصيب ولده، سقط باقيه، كما لو عفا أحد الشريكين. وإن قتل خال ولده، فورثته أمه، ثم ماتت فورثها الولد، سقط القصاص كذلك. وإن اشترى المكاتب أباه، فقتل أبوه عبدًا له، لم يجب القصاص كذلك. وإن جنى المكاتب على أبيه، لم يجب القصاص؛ لأنه عبده، فلا يقتص له من سيده.
فصل:
ويقتل الولد بكل واحد من الأبوين، وعنه: لا يقتل؛ لأنه لا تقبل شهادته له، لأجل النسب، أشبه الأب، والمذهب: الأول لظاهر الآية والأخبار والقياس، وقياسه على الوالد ممتنع، لتأكد حرمة الوالد.
فصل:
إذا شارك الإنسان غيره في القتل، لم يخل من أربعة أقسام:
أحدها: أن يشترك جماعة في قتل من يكافئهم عمدًا، فيجني كل واحد منهم جناية، يضاف إليه القتل لو انفردت، فيجب القصاص على جميعهم. وعنه: لا يجب على واحد منهم، لقول الله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] مفهومه أنه لا يؤخذ به أكثر من نفس واحدة. والمذهب الأول، لما روى سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلًا واحدًا. وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء، لقتلتهم جميعًا. ولم ينكره منكر، فكان إجماعًا. ولأنه لو لم يجب القصاص على جميعهم، جعل الاشتراك وسيلة إلى سفك الدماء.
القسم الثاني: أن يقتلوه عمدًا، أو بعضهم غير مكافئ، مثل أن يشترك اثنان في قتل ولد أحدهما، أو حر وعبد، في قتل عبد، أو مسلم وذمي في قتل ذمي، ففيه روايتان: