خيار لها. وإن عجز عن الاقتراض، وكان العارض يزول في ثلاثة أيام فما دون، فلا خيار لها؛ لأن ذلك قريب. وإن كثر، فلها الفسخ؛ لأن الضرر يكثر. وإن أعسر بالمسكن ففيه وجهان:

أحدهما: لا خيار لها؛ لأن البدن يقوم بدونه.

والثاني: لها الخيار؛ لأنه مما لا بد منه، أشبه النفقة والكسوة.

فصل:

فإن منع النفقة من يساره، وقدرت له على مال، أخذت منه قدر كفايتها بالمعروف، لما روي «أن هندًا جاءت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» متفق عليه. وإن منعها بعض الكفاية، فلها أخذه، للخبر. ولها أن تأخذ نفقة ولدها الصغير، للخبر، فإن وجدت من جنس الواجب لها، أخذته، وإن لم تجد، أخذت بقدره من غيره متحرية للعدل في ذلك. فإن لم تجد ما تأخذه، رفعته إلى الحاكم، ليأمره بالإنفاق، أو الطلاق، فإن أبى، حبسه. فإن صبر على الحبس، وقدر الحاكم على ماله، أنفق منه. وإن لم يجد إلا عروضًا، باعها وأنفق منها، فإن تعذر ذلك، فلها الفسخ لما ذكرنا من حديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنه إذا ثبت الفسخ مع العذر دفعًا للضرر، فمع عدمه أولى. وإن كان الزوج غائبًا، كتب الحاكم إليه، كما كتب عمر إلى الذين غابوا عن نسائهم. فإن لم يعلم خبره، أو تعذرت النفقة منه، ولم يوجد له مال، فلها الفسخ، لما ذكرنا، وهذا اختيار الخرقي، وأبي الخطاب. وذكر القاضي: أن الفسخ لا يثبت مع اليسار؛ لأن الخيار لعيب الإعسار، ولم يثبت ذلك. وما ذكرناه أصح، فإن الإعسار ليس بعيب، وإنما الفسخ لدفع الضرر، وهما فيه سواء، ومن كان له دين يتمكن من استيفائه، فهو كالموسر؛ لأنه قادر عليه. وإن لم يتمكن من استيفائه، فهو كالمعدوم؛ لأنه عاجز عنه.

فصل:

فإن كان له عليها دين من جنس الواجب لها من النفقة، فأراد أن يحتسب به عليها وهي موسرة، فله ذلك؛ لأن له أن يقضي دينه من أي ماله شاء، وهذا منه، وإن كانت معسرة، لم يملك ذلك؛ لأن قضاء الدين في الفاضل عن الكفاية، ولا فضل لها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015