فصل:

وإذا دفع إليها النفقة، فلها أن تتصرف فيها بما شاءت، من بيع وصدقة وغيرهما. لأنها حق لها، فملكت التصرف فيها، كالمهر، إلا أن يعود ذلك عليها بضرر في بدنها، ونقص في استمتاعها، فلا تملكه؛ لأنه يفوت حقه، وكذلك الحكم في الكسوة في أحد الوجهين. وفي الآخر: ليس لها التصرف فيها بحال؛ لأنه يملك استرجاعها بطلاقها، بخلاف النفقة.

فصل:

وإذا نشزت المرأة، سقطت نفقتها؛ لأنها تستحقها في مقابلة التمكين من استمتاعها، وقد فات ذلك بنشوزها. وإن كان لها ولد، لم تسقط نفقته؛ لأن ذلك حق له، فلا تسقط بنشوزها.

[باب قطع النفقة]

إذا أعسر الزوج بنفقة المعسر، فلها فسخ النكاح، لقول الله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] . وقد تعذر الإمساك بالمعروف، فيتعين التسريح بإحسان. وكتب عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم: يأمرهم أن ينفقوا أو يطلقوا. فإن طلقوا، بعثوا بنفقة ما مضى، ولأنه إذا ثبت لها الفسخ لعجزه عن الوطء، فلأن يثبت بالعجز عن النفقة أولى؛ لأن الضرر فيه أكثر. وإن أعسر ببعضها، فلها الفسخ؛ لأن البدن لا يقوم بدونها. وإن أعسر بكسوة المعسر، فلها الفسخ؛ لأن البدن لا يقوم بدونها، فأشبهت القوت. وإن أعسر بما زاد على نفقة المعسر، فلا خيار لها؛ لأنها تسقط بإعساره، ولأن البدن يقوم بدونها. ومن لم يجد إلا قوت يوم بيوم، فليس بمعسر بالنفقة؛ لأن هذا هو الواجب. وإن كان يجد في أول النهار ما يغديها، وفي آخره ما يعشيها، فلا خيار لها؛ لأنها تصل إلى كفايتها. وإن كان يجد قوت يوم دون يوم، فلها الخيار؛ لأنها لا تصل إلى كفايتها، وإن كان صانعًا يعمل في كل أسبوع ثوبًا، يكفيه ثمنه للأسبوع كله، فلا خيار لها؛ لأنها تصل إلى كفايتها. ومتى عازه أمكنه الاقتراض، ثم يقضيه، فلا تنقطع النفقة. فإن كانت نفقته من عمل عجز عنه لمرض مرجو الزوال، أو غيبة ماله، وأمكنه الاقتراض إلى زوال العارض وفعل، فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015