فصل:

ومتى ثبت لها الفسخ، فرضيت بالمقام معه، ثبت لها في ذمته ما يجب على المعسر، من القوت، والأدم، والكسوة، والمسكن، والخادم، تطالبه بها إذا أيسر؛ لأنها حقوق واجبة عجز عنها، فثبتت في ذمته كالدين. وقال القاضي: لا يثبت في ذمته شيء، قياسًا على الزائد عن نفقة المعسر، والفرق ظاهر، فإن الزائد غير واجب على معسر، وهذا معسر، بخلاف هذا، ولا يلزمها التمكين من الاستمتاع، ولا الإقامة في منزله؛ لأن ذلك في مقابلة النفقة، فلا يجب مع عدمها، ومتى عن لها الفسخ، فلها الفسخ؛ لأن وجوب النفقة يتجدد كل يوم، فيتجدد حق الفسخ، ولو تزوجت معسرًا عالمة بإعساره، ثم بدا لها الفسخ لعسرته، فلها الفسخ لما ذكرنا. وقال القاضي: ظاهر كلام أحمد، أنه ليس لها الفسخ في الموضعين؛ لأنها رضيت بعيبه، فأشبه امرأة العنين إذا رضيت بعنته.

فصل:

وإن اختارت الفسخ، لم يجز لها ذلك، إلا بحكم حاكم؛ لأنه مختلف فيه، فلم يجز بغير الحاكم، كالفسخ بالعنة، ولها المطالبة بالفسخ في الحال؛ لأنه فسخ لتعذر العوض، فثبت في الحال، كفسخ البيع لفلس المشتري.

فصل:

وإن أعسر زوج الأمة، فلم تختر الفسخ، لم يكن لسيدها الفسخ؛ لأن الحق لها، فلم يكن له الفسخ، كالفسخ للعنة، وإن أعسر زوج الصغيرة والمجنونة، فليس لوليهما الفسخ؛ لأنه فسخ لنكاحهما، فلم يملكها وليهما، كالفسخ للعيب، وحكي عن القاضي: أن لسيد الأمة الفسخ؛ لأن الضرر عليه، ويحتمل أن يملك ولي الصغيرة والمجنونة الفسخ؛ لأنه فسخ لفوات العوض، فملكه كفسخ البيع، لتعذر الثمن.

فصل:

وإذا وجد التمكين الموجب للنفقة، فلم ينفق حتى مضت مدة، صارت النفقة دينًا في ذمته، سواء تركها لعذر، أو غيره، لحديث عمر، ولأنه مال يجب على سبيل البدل في عقد معاوضة، قلم يسقط بمضي الزمان، كالصداق، وإن أعسر بقضائها، لم تملك الفسخ؛ لأنها دين يقوم البدن بدونه، فأشبهت دين القرض. وعنه: لا يثبت في الذمة، وتسقط ما لم يكن الحاكم قد فرضها؛ لأنها نفقة تجب يومًا بيوم، فإذا لم يفرضها الحاكم، سقطت بمضي الزمن، كنفقة الأقارب، فعلى هذا لا يصح ضمانها؛ لأنه ليس مآلها إلى الوجوب، وعلى الرواية الأولى، يصح ضمان ما وجب منها، وما يجب في المستقبل؛ لأن مآله إلى الوجوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015