يفوت بخدمتها. وإن قال: أنا أخدمك بنفسي، ففيه وجهان:
أحدهما: يلزمها الرضى به؛ لأن الكفاية تحصل به.
والثاني: لا يلزمها؛ لأنها تحتشمه، فلا تستوفي حقها من الخدمة، ولا يلزمه أن يملكها خادمًا، بل إن كان له، أو استأجره، جاز. وإن كان مملوكًا لها، فاتفقا على خدمته، لزمه نفقته بقدر نفقة الفقيرين، في القوت والأدم والكسوة، ولا يجب له مشط، ولا سدر، ولا دهن للرأس لأنه يراد للتنظيف والزينة، ولا يراد ذلك من الخادم. ويجب للخادمة خف إذا كانت تخرج إلى الحاجات، لحاجتها إليه.
فصل:
وعليه دفع نفقتها إليها كل يوم إذا طلعت الشمس؛ لأنه أول وقت الحاجة. فإن اتفقا على تعجيلها، أو تأخيرها، أو تسليفها النفقة لشهر، أو عام، أو أكثر، جاز؛ لأن الحق لا يخرج عنهما، فجاز فيه ما تراضيا عليه، كالدين. فإن دفع إليها نفقة يوم، فبانت فيه، لم يرجع بما بقي؛ لأنها أخذت ما تستحقه. وإن أسلفها نفقة أيام، ثم بانت، رجع عليها؛ لأنه غير مستحق لها. وذكر القاضي: ما يدل على أن حكم ذلك حكم الرجوع في معجل الزكاة، على ذكر في موضعه. فأما إن غاب عن زوجته زمنًا، ولم ينفق عليها، فإنها ترجع عليه بنفقة ما مضى، لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم، إن طلقوا: أن يبعثوا بنفقة ما مضى. ولأنه حق لها عليه بحكم العوض، فرجعت به عليه، كالدين. وعنه: لا ترجع عليه إلا أن يكون الحاكم قد فرضها لها؛ لأنها نفقة، فأشبهت نفقة الأقارب.
فصل:
وعليه كسوتها في كل عام مرة في أوله؛ لأنه العادة. فإن تلفت في الوقت الذي يبلى فيه مثلها، لزمه بدلها؛ لأن ذلك من تمام كسوتها، وإن بليت قبله، لم يلزمه بدلها؛ لأنه لتفريطها، فأشبه ما لو أتلفتها. وإن مضى زمن يبلى فيه مثلها ولم تبل، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يلزمه بدلها؛ لأنها غير محتاجة إلى الكسوة.
والثاني: يجب؛ لأن الاعتبار بالمدة، بدليل أنها لو تلفت قبل انقضاء المدة، لم يلزمه بدلها، وإن كساها ثم أبانها، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يرجع؛ لأنه دفع ما تستحق دفعه، فلم يرجع به، كنفقة اليوم.
والثاني: يرجع؛ لأنه دفع لزمن مستقبل، أشبه ما لو سلفها النفقة، ثم أبانها.