ولا يجزئ المجنون جنوناً مطبقاً؛ لأنه لا يصلح لعمل، ولا من أكثر زمنه الجنون؛ لأنه يعجز عن العمل في أكثر زمنه، فإن كان أكثره الإفاقة، ولا يمنعه من العمل، أجزأ لعدم الضرر البين.
فصل:
ويجزئ الأعور؛ لأنه يدرك ما يدركه ذو العينين، وأجدع الأنف والأذنين والأصم؛ لأنه كغيره في العمل. ويجزئ الخصي والمجبوب كذلك، ويجزئ المرهون والجاني والمدبر وولد الزنا كذلك، ويجزئ الأحمق وهو الذي يخطئ ويعتقد خطأه صواباً.
ويجزئ المريض الموجو برؤه، والنحيف القادر على العمل، فأما ما لا يرجى برؤه، أو لا يقدر على العمل فلا يجزئ؛ لأنه لا عمل فيه. ويجزئ عتق الغائب، المعلوم حياته؛ لأنه ينتفع بنفسه حيث كان، وإن شك في حياته، لم تبرأ ذمته؛ لأن الوجوب ثابت بيقين، فلا يزول بالشك، فإن تبين أنه كان حياً، تبينا أن الذمة برئت بعتقه.
فصل:
ولا يجزئ عتق الجنين؛ لأنه لم يثبت له أحكام الرقاب، فإن أعتق صبياً، فقال الخرقي: لا يجزئه حتى يصلي ويصوم؛ لأن الإيمان قول وعمل، ولأنه لا يصح منه عبادة، لفقد التكليف، فلم يجزئ في الكفارة كالمجنون.
وقال القاضي: لا يجزئ من له دون السبع في ظاهر كلام أحمد، وقال في موضع آخر: يجزئ عتق الصغير في جميع الكفارات، إلا كفارة القتل، فإنها على روايتين. وقال أبو بكر وغيره: يجزئ الطفل في جميع الكفارات؛ لأنه ترجى منافعه وتصرفه، فأجزأ كالمريض المرجو. ولا يجزئ عتق مغصوب؛ لأنه ممنوع من التصرف في نفسه، فأشبه الزمن.
فصل:
ولا يجزئ عتق أم الولد في ظاهر المذهب؛ لأن عتقها مستحق بسبب آخر، فلم يجزئ كعتق قريبه، ولأن الرق فيها غير كامل، بدليل أنه لا يملك نقل ملكه فيها، وعنه: تجزئ؛ لأنها رقبة، فتتناول الآية بعمومها. وفي المكاتب ثلاث روايات:
إحداهن: يجزئ مطلقاً.
والأخرى: لا يجزئ مطلقاً، ووجهها ما ذكرنا.
والثالثة: إن أدى من كتابته شيئاً، لم يجزئ؛ لأنه حصل العوض عن بعضها، فلم يعتق رقبة كاملة، وإن لم يؤد شيء أجزأ؛ لأنه لم يقتض عن شيء منها، أشبه المدبر.