فصل:
وإن اشترى من يعتق عليه ينوي بشرائه العتق عن الكفارة، عتق ولم يجزئه؛ لأن عتقه مستحق في الكفارة، فلم يجزئه، كما لو استحق عليه الطعام في النفقة، فدفعه عن الكفارة. وإن اشترى عبداً بشرط العتق، فأعتقه عن الكفارة، لم يجزه كذلك، ولو قال: إن وطئتك فعلي أن أعتق عبدي، ثم وطئها وأعتق العبد عن ظهاره، أجزأه؛ لأنه لم يتعين عتقه عن الإيلاء، بل هو مخير بين عتقه، وبين كفارة يمين.
فصل:
ولو ملك نصف عبد وهو موسر، فاعتق نصيبه، ونوى عتق الجميع عن كفارته، لم يجزئه في قول الخلال وصاحبه، وحكاه صاحبه عن أحمد؛ لأن عتق النصيب الذي لشريكه استحق بالسراية، فلم يجزئه، كما لو اشترى قريبه ينوي به التكفير. وقال غيرهما: يجزئ؛ لأن حكم السراية حكم المباشرة، بدليل أنه لو جرحه فسرى إلى نفسه، كان كمباشرة قتله، وإن كان معسراً عتق نصيبه، فإن ملك النصف الآخر فأعتقه عن الكفارة، أجزأه؛ لأنه أعتق جميعه في وقتين، فأجزأ، كما لو أطعم المساكين في وقتين.
وإن أعتق نصف عبدين، فقال الخرقي: يجزئ؛ لأن أبعاض الجملة كالجملة في الزكاة والفطرة، كذلك في الكفارة. وقال أبو بكر: لا يجزئ؛ لأن المقصود تكميل الأحكام، ولا يحصل بإعتاق نصفين، فعلى قوله، إذا أعتق الموسر نصف عبد، عتق جميعه، ولا يجزئه إعتاق نصف آخر.
فإن أعتق عبده عن كفارة غيره بغير إذنه، لم يجزئه؛ لأنها عبادة، فلم تجز عن غيره بغير أمره مع كونه من أهل الأمر، كالحج، إلا أن يكون ميتاً، فيجزئ عنه؛ لأنه لا سبيل إلى إذنه، فصح من غير إذنه، كالحج عنه.
وإن أعتقه عن كفارة حي بأمره، صح، وأجزأ عن الكفارة إذا نواها؛ لأنه أعتق عنه بأمره، فأجزأه، كما لو ضمن له عوضاً وعنه: لا يجزئ إلا أن يضمن له عوضاً؛ لأن العتق بغير عوض كالهبة، ومن شرطها القبض، ولم يحصل.
فصل:
ومن لم يجد رقبة وقدر على الصيام، لزمه صيام شهرين متتابعين، فإن شرع في أول شهر، أجزأه صيام شهرين بالأهلة، تامين كانا، أو ناقصين، وإن دخل في أثناء شهر، صام شهراً بالهلال، وأتم الشهر الذي دخل فيه بالعدد ثلاثين يوماً لما ذكرنا فيما تقدم.
فإن أفطر يوماً لغير عذر، لزمه استئناف الشهرين؛ لأنه أمكنه التتابع، فلزمه. وإن حاضت المرأة أو نفست، أو أفطرت لمرض مخيف، أو جنون، أو إغماء، لم ينقطع التتابع؛ لأنه لا صنع لها في الفطر. وإن أفطر لسفر، فظاهر كلام أحمد: أنه لا ينقطع التتابع؛ لأنه عذر مبيح للفطر، أشبه المرض. ويتخرج في السفر والمرض غير