وقال أبو بكر: عليه كفارة يمين لا غير؛ لأنها خرجت عن الزوجات، فلم يجب بوطئها كفارة ظهار، كما لو تظاهر منها وهي أمة، فإن أعتقها عن كفارته، جاز. فإذا تزوجها بعد ذلك، لم يعد حكم الظهار. والله تعالى أعلم.
. الواجب فيها تحرير رقبة، فمن لم يجد، فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً؛ لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] . وروى أبو داود بإسناده عن خولة بنت مالك بن ثعلبة. قالت: «تظاهر مني أوس بن الصامت، فجئت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشكو إليه، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجادلني فيه، فما برحت حتى نزل القرآن. {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يعتق رقبة قلت: لا يجد، قال: فيصوم شهرين متتابعين قلت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: فليطعم ستين مسكيناً» فمن ملك رقبة، أو مالاً يشتري به رقبة، فاضلاً عن حاجته لنفقته وكسوته ومسكنه، وما لا بد له من مؤنة عياله ونحوه، لزمه العتق؛ لأنه واجد، فإن كانت له رقبة لا يستغني عن خدمتها لكبره أو لمرضه، أو لكونه ممن لا يخدم نفسه، أو يحتاج إليها لخدمة زوجته التي يلزمه إخدامها، أو يتقوت بغلتها، أو يتعلق بها حاجة لا بد منها، لم يلزمه عتقها؛ لأن ما تستغرقه حاجته، كالمعدوم في جواز الانتقال إلى البدل، كمن معه ماء يحتاج إليه للعطش في التيمم، فإن كانت فاضلة عن حاجته الأصلية، لزمه عتقها؛ لأنه مستغن عنها فإن كان ماله غائباً، ففيه وجهان:
أحدهما: له التكفير بالصيام؛ لأن عليه ضرراً في تحريم الوطء إلى حضور المال، فكان له الصوم كالمعسر.
والثاني: لا يجزئه إلا العتق؛ لأنه مالك لما يشتري به رقبة، ولأنه فاضل عن كفايته. ولو كان ذلك في كفارة القتل والجماع، لم يكن له التكفير بالصيام؛ لأنه قادر على التكفير بالعتق من غير ضرر، فلزمه، كمن ماله حاضر، ويحتمل أن يجوز له الصوم؛ لأنه عاجز في الحال فأشبه المظاهر.