بعد العزم، فعليه الكفارة. وهذا مقتضى قول من وافقه. وقد صرح أحمد بإنكاره، وكذلك قال القاضي: لا كفارة عليه.
فصل:
وفي التلذذ بالمظاهر منها قبل التكفير بما دون الجماع، كالقبلة، واللمس، روايتان:
إحداهما: يحرم؛ لأن ما حرم الوطء من القول، حرم دواعيه، كالطلاق.
والثانية: لا تحرم؛ لأنه تحريم يتعلق بالوطء، فيه كفارة، فلم يتجاوز الوطء، كتحريم الحيض؛ ولأن المسيس هنا كناية عن الوطء، فيقتصر عليه.
فصل:
وإذا ظاهر من أربع نسوة بأربع كلمات، فعليه لكل واحدة كفارة؛ لأنها أربع أيمان في محالّ مختلفة، فأشبه ما لو وجدت في أربعة أنكحة. قال ابن حامد والقاضي: هذا المذهب رواية واحدة.
وقال أبو بكر: فيه رواية أخرى: يجزئه كفارة واحدة؛ لأن ذلك يروى عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ ولأن الكفارة حق الله تعالى، فلم تتكرر بتكرر سببها كالحد.
وإن ظاهر منهن بكلمة واحدة، فكفارة واحدة، رواية واحدة، لما روى ابن عباس: أن عمر سئل عن رجل ظاهر من نسوة، فقال: يجزئه كفارة واحدة؛ ولأنها يمين واحدة فلم توجب أكثر من كفارة، كاليمين بالله تعالى.
وإن ظاهر من امرأة مراراً ولم يكفر، فكفارة واحدة في ظاهر المذهب؛ لأن اليمين الثانية لم تؤثر تحريماً في الزوجة، فلم يجب بها كفارة الظهار، كاليمين بالله.
وعن أحمد: ما يدل على أنه إن نوى بالثانية الاستئناف، وجب بها كفارة ثانية؛ لأنه قول يوجب تحريماً في الزوجة، فإذا نوى به الاستئناف، تعلق به حكم، كالطلاق، والمذهب الأول.
فأما إن كفر عن الأولى، فعليه للثانية كفارة واحدة رواية واحدة؛ لأنها أثبتت في المحل تحريماً، أشبهت الأولى. وإن قال: كل امرأة أتزوجها، فهي علي كظهر أمي، ثم تزوج نساء في عقد واحد، فكفارة واحدة.
وإن تزوجهن في عقود، فكذلك في إحدى الروايتين؛ لأنها يمين واحدة. والأخرى: لكل عقد كفارة. فلو تزوج امرأتين في عقد، وأخرى في عقد، لزمته كفارتان؛ لأن لكل عقد حكم نفسه، فتعلق بالثاني كفارة، كالأول.
فصل:
وإن ظاهر من زوجته الأمة، ثم ملكها، فقال الخرقي: لا يطؤها حتى يكفر، يعني: كفارة الظهار؛ لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] .